حركة 20 فبراير: دراسة حول منطق الفعل الاحتجاجي في المغرب
◆ محمد سموني
في 20 فبراير 2021 يكون قد مر على بروز حركة 20 فبراير عشر سنوات. شباب مغربي من مختلف المشارب والمناطق خرجوا لينتفضوا ضد “الحگرة” والتسلط. بروفايلات الشباب الذين ملؤوا الساحات العامة والشوارع تختلف من حيث المرجعية إلى حد التناقض الهوياتي، “الأخ” رفقة “الكامراد” داخل مقرات أحزاب يسارية ونقابات يناقشون ويُحاجِجُون فيما بينهم للإعداد لمسيرة أو وقفة يوم الأحد وإكمال سيرورة الاحتجاج ضد “الفساد والاستبداد”. هذه هي الصورة التي كانت عليها السيرورة النضالية لحركة 20 فبراير طيلة 7 أشهر من الاحتجاج، توجت في أقل من ثلاثة أسابيع من الحشد وتعبئة مختلف شرائح المجتمع المغربي بخروج الملك محمد السادس، بدون أي مناسبة، على غير عادة القصر، للإعلان عن حل الحكومة والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة بعد مراجعة الدستور المغربي للمرة الأولى خلال حكمه الذي بدأ سنة 1999 وللمرة السادسة منذ استقلال المغرب سنة 1956.
في هذه الورقة سأقدم أهم خلاصات أطروحة الدكتوراه التي نوقشت يوم 10 أكتوبر 2020 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء بعنوان: “الفعل الاحتجاجي بالمغرب: مساهمة سوسيو- سياسية لدراسة منطق الفعل الاحتجاجي لدى نشطاء حركة 20 فبراير”.
إشكالية البحث الأساسية تتحد في مُحاولة فهم منطق الفعل الاحتجاجي عند نشطاء حركة 20 فبراير، والقناعات وأيضا المطالب التي قد تدفع بنشطاء حركة 20 فبراير للعودة إلى الاحتجاج.
الجواب عن سؤال عام إشكالي، لا يمكن أن يتأتى إلا بالرجوع إلى أسئلة فرعية أخرى، تنهل “مشروعية” طرحها من الرجوع إلى النظرية العامة للحركات الاجتماعية وأيضا البراديغمات المفسرة للفعل الاجتماعي.
فهل حركة 20 فبراير، حركة اجتماعية أو حركة سياسية؟ هل الدافع الأساسي لانخراط النشطاء المحتجين فيها، يرتكز على تبنيها للمطالب السياسية أو الاجتماعية أوغيرها من المطالب الاقتصادية أوالحقوقية أو الدينية؟ وأيضا يطرح سؤال هل يمكن تصنيف حركة 20 فبراير ضمن “الحركات الاجتماعية الجديدة”؟، وما إن كانت استطاعت أن توحد جميع المتناقضات التي يعرفها المجتمع المغربي داخل فعلها الاحتجاجي؟
هل استطاعت الحركة أن تنظّم سيرورتها النضالية عبر إحداث هياكل وظيفية داخل تنسيقياتها المحلية؟ ولماذا لم تختر هذا النوع من التنظيم على المستوى الوطني؟ ماهي سيرورة اتخاذ القرار داخل الحركة؟ وهل أثرت الاختلافات السياسية والإيديولوجية على سيرورة عملها الاحتجاجي؟ وما هو محرك الاحتجاج في منطق نشطاء الحركة؟ وهل يمكن أن تظهر حركة احتجاجية جديدة للاحتجاج في الشارع المغربي؟ وما هو محرك أي حركة احتجاجية جديدة؟ هل سيكون العامل السياسي أم الاجتماعي، أو كلاهما، هو محرك أي حركة احتجاجية ستظهر مستقبلا؟
للإجابة على هذه الإشكاليات المطروحة، انطلقت الدراسة من الفرضيات التالية:
- يخضع منطق الفعل الاحتجاجي في المغرب بالأساس، إلى عنصر التعبئة الجماعية على المطالب الاجتماعية أساسا، بحيث كلما كانت الشعارات المعبّئة تنطلق من المطلب الاجتماعي كلما كانت عملية التعبئة داخل الحركة الاحتجاجية ناجحة.
- تدخُّل التنظيمات السياسية الداعمة لحركة 20 فبراير في عملية اتخاذ القرار داخل الحركة، أدى إلى تراجع انخراط مجموعة من نشطاء الحركة في عملية الفعل الجماعي وتراجع الحركة.
- أثرت الاختلافات السياسية والإيديولوجية داخل حركة 20 فبراير بشكل كبير، على الفعل الاحتجاجي للحركة، وأدت زيادة على استجابة السلطة السياسية لبعض مطالبها، إلى تراجع الاحتجاجات وعملية التعبئة.
تروم هذه المحاولة إلى فهم وتفسير ظاهرة الحركات الاجتماعية الاحتجاجية، خصوصا في الحالة المغربية مجسدة في حركة 20 فبراير، ومحاولة فهم منطق اشتغالها سواء على مستوى طرق تعبئة أفرادها أو من خلال تحليل خطابها السياسي، سيما وأن هذه الحركة أقامت معارضة قوية للنظام السياسي وذلك بحثه على الاستجابة إلى بعض مطالب الإصلاح التي رفعت في العشرين من فبراير 2011، عبر إعادة صياغة دستور جديد للبلاد والإعلان عن انتخابات سابقة لأوانها.
فعلى الرغم من إقدام السلطة السياسية في المغرب على العديد من الإجراءات الإصلاحية سواء في المجال الاجتماعي أو السياسي، إلا أن الديناميات الاحتجاجية الشبابية مازالت تبرز من خلال الاحتجاجات والمسيرات والوقفات الاحتجاجية في العديد من المناطق بالمملكة مما يتيح تساؤلات عن مدى قدرة حركة شبابية مطلبية على الاستمرار؟
في كثير من الأحيان طبيعة الموضوع البحثي هي التي تحدد نوعية المنهج. وانطلاقا من ذلك ومن كون مجموعة من الباحثين في الأعمال المنجزة – رغم ندرتها – حول “حركة 20 فبراير” اختلفوا في تصنيفها، فإن دراسة موضوع الفعل الجماعي الاحتجاجي بالمغرب من خلال دراسة حالة الحركة المذكورة، اتجه إلى الاعتماد على مقاربات ميدانية كيفية وكمية، وذلك بالارتكاز على تقنيات: الملاحظة بالمشاركة، التحليل الوثائقي وتقنية الاستمارة التي وزعت على 120 من النشطاء الذين شاركوا في حركة 20 فبراير وأساسا قاموا بالمشاركة في الاجتماعات التقريرية التي تحدِّدُ فيها الحركة مختلف الخطوات الاحتجاجية ومواقفها السياسية.
تمت معالجة استمارة المقابلات، بعد جمع أجوبة النشطاء الذين وافقوا على إجراء المقابلة معهم، عبر تطبيق SPSS Statistics النسخة رقم 25، ما ساعدنا على تحليل مختلف مؤشرات هذه الدراسة وربط المؤشرات ببعضها لتحديد التقاطعات الممكنة وللوصول إلى نتائج رقمية تساعدنا على فهم توجهات الفعل الاحتجاجي وكذلك تأثر هذا الفعل بمجموعة من المؤشرات الأخرى.
ولمقاربة هذا الموضوع من مختلف جوانبه، حاولنا دراسة تمفصلات السياسي والاجتماعي في الفعل الاحتجاجي لحركة 20 فبراير للوقوف على المكونات المشكِّلة للحركة وأيضا الهيئات السياسية والاجتماعية الداعمة لها. ورصد العلاقة بين الفعل الاحتجاجي والانتماء السياسي، وذلك من خلال، وقف الانخراط السياسي بعد زمن الاحتجاج وأيضا الانتماء السياسي بعد خفوت الاحتجاج. وفي الأخير، تم القيام بمحاولة تحديد طبيعة الحركة، هل هي حركة اجتماعية أو سياسية؟
في فصل آخر قمنا بمحاولة رصد وفهم الاستراتيجيات والسلوكات النضالية داخل حركة 20 فبراير عبر مساءلة سيرورة نضال الحركة من خلال التنظيم والهيكلة خصوصا على مستوى تنسيقيات الحركة المحلية، وكذلك اختيار الحركة عدم هيكلة نفسها على المستوى الوطني ورفض خلق أي مجلس أو هيكل وطني للحركة، رغم محاولة بعض التيارات خلق هذا النوع من التنظيم من خلال مجلس “دعم” الحركة. وأيضا عبر فهم سيرورة اتخاذ القرار داخل الحركة وما إن كان يخضع لقرارات الهيئات السياسية الداعمة؟ وفي الأخير، حاولنا فهم تأثير الصراعات السياسية والإيديولوجية على سيرورة الحركة النضالية.
أيضا في فصول هذا البحث حاولت دراسة منطق الفعل الاحتجاجي بعد حركة 20 فبراير، وذلك من خلال التطرق إلى الدينامية الاحتجاجية التي ظهرت بعد زمن الاحتجاج، مع حركة 20 فبراير إلى حدود انطلاق مجموعة من الحركات الاحتجاجية مثل “حراك الريف” واحتجاجات “جرادة” التي لا تدخل في نطاق البحث بشكل أساسي، سواء من خلال الديناميات التي اتخذت من الثقافة والفن وسائل للاحتجاج في الفضاء العام أو عبر الاحتجاج الافتراضي.
أيضا مقاربة موضوع الهوية والاحتجاج، وذلك عبر استحضار براديغم “الهوية الجماعية” لمحاولة تحديد القيم التي يرى النشطاء أنها تعبر عن هويتهم الجماعية. كما تم التطرق في هذا الفصل إلى مسألة الثقة في المؤسسات السياسية والوسيطة للمجتمع المغربي، وكيف يمكن لعدم الثقة بشكل عام أن يكون حافزا لحركة احتجاجية في الفضاء العام.
وفي آخر هذا الفصل قمت بمحاولة لتحديد مستقبل الاحتجاجات في المغرب، من خلال إمكانية بروز حركة احتجاجية جديدة في المغرب، وهل ستكون مطالب هذه الحركة الاحتجاجية سياسية، اجتماعية، اقتصادية أو دينية..؟
تُظهر ملاحظة تطور الاحتجاجات في المغرب وأيضا في باقي العالم بشكل عام، أن المحدد الأساسي الذي أصبح محركا لأي احتجاجات “جماعية”، هو المُحدد الاجتماعي والاقتصادي، فبعد حركة 20 فبراير التي كانت تعتمد في عملية التعبئة بشكل أساسي على المطلب السياسي، برزت مجموعة من الحركات الاحتجاجية “المحلية” في كل من الريف (الحسيمة والناظور وغيرهما من مناطق الريف) أو جرادة التي تحمل المطلب الاجتماعي بشكل أساسي. لكن طريقة تعامل الدولة مع هذه الاحتجاجات، من خلال الاعتقالات والتدخلات الأمنية، حوّل الحراك الاجتماعي المحلي إلى قضية سياسية تلغي الجانب الاجتماعي ليتحول المطلب إلى سياسي أو حقوقي محض.
والملاحظ كذلك، أن منطق الاحتجاج السياسي في المغرب، بدأ يخضع بشكل أساسي إلى منطق (الربح/الخسارة)، بشكل كبير، فقد أصبحت عملية التعبئة بالنسبة للحركات الاجتماعية في الميدان العام تعرف صعوبة كبيرة، بسبب الاعتقالات وتدخل الدولة. كما برز بشكل متصاعد الاحتجاج السياسي أساسا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت وسيلة افتراضية للضغط على الحكومة وأيضا النظام السياسي، والتي أضحت تحقق نتائج سريعة مقارنة مع الاحتجاجات في الفضاء العام.
من المشاكل الأساسية التي برزت، خصوصا في دراسة منطق الاحتجاج لدى نشطاء حركة 20 فبراير، تأتي مسألة بناء الهوية الجماعية بين مختلف التوجهات المشكلة لهذه الحركة. فكما تم توضيح ذلك في بعض فصول هذه الأطروحة، فالصّراعات الإيديولوجية والهُوياتية لعبت دورا كبيرا، زيادة على استباق السلطة السياسية للإصلاحات السياسية والدستورية، في تراجع الحركة على مستوى الشارع وخفوت مطالبها الاجتماعية والاقتصادية وأيضا السياسية التي لم يستجب لها النظام السياسي المغربي.
رغم المحاولات التي تمت من قبل مجموعة من النشطاء لإرساء شعارات ورموز تحاول إرساء “هوية جماعية”، مثل: إطلاق وصف “كماراخ” لتوحيد النشطاء المنتمين “اليساريين” و”الإسلاميين” داخل الحركة، وأيضا إطلاق تحية موحدة بين مختلف النشطاء “تحية عشرينية”، لم تستطع الحركة على المستوى الفعلي بناء قناعات مشتركة بين مختلف التيارات التي شكلتها.
بالرجوع إلى الاحتجاجات التي ظهرت بعد حركة 20 فبراير، أساسا التي ابتعدت عن المطلب السياسي وركزت على الاجتماعي (الريف وجرادة)، يظهر أن الهوية الجماعية (الريفية) في حالة حراك الريف، لعبت دورا أساسيا في عملية التعبئة داخل كل من الحسيمة والناظور، بحيث إن “الهوية المغلقة” لهذه المنطقة بدت محددا أساسيا في كثير من خطابات “قيادات” هذا الحراك من أجل التعبئة التي تحدث عبر “الذاكرة الريفية” وأيضا الاستشهاد بأقوال محمد بن عبد الكريم الخطابي. كما بدا الاعتماد على هذه “الهوية الجماعية” من خلال حراك جرادة عبر الاعتماد على “الهوية الوطنية” المغربية، داخل عملية التعبئة والاحتجاج عبر استعمال المكثف للراية المغربية داخل الفعل الاحتجاجي.
بالعودة إلى تصاعد الاحتجاجات التي عرفها المغرب من سنة 2011 إلى سنة 2017، حسب الاحصائيات التي حصلنا عليها بشكل عام وليس بتفاصيل نوع الاحتجاجات وموضوعها.. إلخ، يظهر أن وتيرة الاحتجاجات التي عرفها المغرب تتصاعد في السنوات القليلة الأخيرة، حيث انتقلت من معدل 27,91 احتجاج في اليوم سنة 2014 إلى 47,97 احتجاج يومي في سنة 2017، والتي تحمل في غالبيتها مطالب اجتماعية مفتوحة محضة (والتي بدأت تظهر كثيرا في الهوامش وفي المجال القروي) أو مطالب مغلقة مثل: احتجاجات المعطلين التي تطالب بالإدماج في الوظيفة العمومية أو احتجاجات الأساتذة المتعاقدين.. وغيرهم من الحركات الاحتجاجية التي تشكلت من أجل مطالب مغلقة أو محددة.
لقد تميزت الاحتجاجات التي عرفها المغرب منذ سنة 2011، وقبلها بسنوات قليلة، باعتماد السلمية كخيار أساسي في الاحتجاج، حيث عبرت حركة 20 فبراير، منذ اليوم الأول الذي نادت فيه بالخروج للاحتجاج ضد ما أسمته “الفساد والاستبداد”، بالسلمية كمبدأ في التعبير على مطالبها، وذلك تماشيا مع مختلف الاحتجاجات التي عرفتها المنطقة في ذلك الوقت، لكن رغم ذلك عرفت بعض الاحتجاجات التي عرفها المغرب بعد خفوت حركة 20 فبراير، خصوصا في كل من مناطق الريف المغربي وجرادة، بعض أعمال العنف التي حوّلت الاحتجاجات السلمية إلى شبه “تمردات” des émeutes من خلال المواجهة بين المحتجين ورجال الأمن.
اتخاذ القرار في زمن الاحتجاج
كان اتخاذ القرار داخل حركة 20 فبراير، أحد الرهانات الأساسية لمختلف التيارات السياسية وأيضا الاجتماعية (النقابات) الداعمة لحركة 20 فبراير وكذا مجموعات الأفراد المستقلين الذين شكلوا وحدة “تنظيمية” داخل الحركة، بحيث كان يعتبر القرار داخل الحركة من بين الأمور الأساسية التي يراهن عليها جميع الفاعلين بما فيهم الأفراد، حيث كانت تعرف الجموع العامة والاجتماعات، على الأقل في مدينتي الدار البيضاء والرباط التي قمنا بملاحظتها طيلة زمن الاحتجاج، الكثير من النقاشات وفي بعض الأحيان الصراعات بين “الجماعات السياسية” وأيضا الأفراد المستقلين بخصوص اتخاذ القرار داخل الجموع العامة، بحيث كان يصر أغلب الأفراد غير المنتمين سياسيا على إبعاد القرار داخل الحركة عن التنظيمات السياسية، وإخضاعه للتداول والتصويت داخل الجموع العامة بين مختلف الأفراد المشاركين في الفعل الجماعي الاحتجاجي.
من بين المبادرات العقلانية التي استطاعت الحركة في بداياتها أن تؤسس لها، هي إشراك جميع المشاركين في الفعل الاحتجاجي في اتخاذ القرار بعيدا عن سطوة الأحزاب والتنظيمات السياسية المشاركة في حركة 20 فبراير، والتي كانت تتصارع فيما بينها تارة وتتحالف تارة أخرى من أجل التأثير في قرارات الحركة بالجموع العامة ومحاولة توجيهها.
فيما اختارت أغلب تنسيقيات الحركة على المستوى الوطني أن تدبّر مسألة اتخاذ القرار داخل الحركة بإخضاعه أولا وأخيرا لتداول ومصادقة الجموع العامة، اختارت تنسيقيات أخرى (الدار البيضاء مثلا) أن تقوم بإحداث “نواة صلبة” ممثلة من قبل جميع التيارات السياسية وعلى الخصوص (أحزاب اليسار وجماعة العدل والإحسان)، تقوم بالتداول في القرارات التي يجب وضعها وحشد الدعم لها في الجموع العامة، بشكل سري، وخارج اللقاءات الرسمية لتنسيقية الحركة.
لذلك قمنا في هذا البحث بتوجيه أسئلة في الاستبيان الموجه لنشطاء الحركة، حول مسألة استقلالية قرارات الحركة عن التنظيمات السياسية الداعمة والمشاركة في حركة 20 فبراير ؟ وأيضا في محاولة لفهم منطق اتخاذ القرار في الحركة، تم توجيه سؤالين آخرين عن مسألة اتخاذ القرار: الأول حول القرارات التي كان يدعمها المستجوب داخل اجتماعات وجموع الحركة العامة، والثاني عن القرارات التي كان يرى النشطاء الآخرون داخل الجموع العامة أنهم يدعمونها بشكل أكبر هل هي القرارات التي تطرحها التنظيمات الداعمة للحركة أو قرارات اتخذت أو طرحت من قبل جماعة أفراد داخل الحركة أو قرارات أفراد ؟
كما لا يمكن فهم تفاصيل اتخاذ القرار داخل مختلف تنسيقيات حركة 20 فبراير في زمن الحراك السياسي والاجتماعي، وخصوصا مسألة تأثير التنظيمات السياسية الداعمة للحركة، بدون ملاحظة جموع الحركة العامة، عبر طريقة طرح مُقترحات فعلها النضالي والتصويت عليها، ودعمها داخل اجتماعات الحركة. وهكذا، كانت أغلب التنسيقيات تضم داخلها مجموعات، سواء منها تلك التي تنتمي إلى نفس التنظيم السياسي أو التيار السياسي، وأيضا مجموعات أخرى تدفع باختياراتها “المستقلة” عن التنظيمات السياسية الداعمة لكنها تدفع بتوجه معين داخل الحركة.
فالتوافق “السياسي” كان يسود في أغلب التنسيقيات بين شباب التنظيمات اليسارية “الحزبية” وشباب العدل والإحسان، ففي حين اختارت بعض التنسيقيات (الدار البيضاء نموذجا) صيغة إحداث “نواة سرية” تجمع في عضويتها مختلف هذه التيارات (أحزاب اليسار الديمقراطي والنهج وأيضا العدل والإحسان) تقوم (النواة) بالاتفاق على خطوات الفعل الاحتجاجي الذي ستتخذه الحركة في كل أسبوع وحشد الدعم له داخل الجمع العام، اختارت تنسيقيات أخرى (كالرباط، طنجة وغيرها…) اتخاذ قرار التنسيق من داخل الجُموعات العامة وحشد الدعم لها لحظة التصويت بحضور مختلف تيارات التنسيقية.
من أجل معرفة مصدر القرارات التي كانت تُعدم داخل الجُموع العامة، تم وضع سؤال في الاستمارة الموجهة لنشطاء حركة 20 فبراير، حول القرارات التي كان يدعمها النشطاء داخل الحركة، بحيث أوضح 66,7 % أن القرارات التي يدعمها النشطاء هي قرارات تكون قد طرحت من قبل جماعة النشطاء بالتنسيقية، واعتبر 18,33 % أن القرارات التي يدعمها النشطاء طرحت من قبل التنظيمات الداعمة، فيما اعتبر 15 فقط أن القرارات التي يدعمها النشطاء تكون قد طرحت أو اقترحت من قبل أفراد داخل التنسيقية.
الهوية والاحتجاج
من بين المواضيع الأساسية التي كانت ومازالت تطرح في دراسة الحركات الاحتجاجية الجديدة منها والقديمة في المغرب بالخصوص، هيمنة القيم الجماعية على الفعل الجماعي بكل أشكاله بما في ذلك الفعل الاحتجاجي على سيرورة الديناميات الاجتماعية، بشكل ربما يستحضر القيم الفردانية في خطبه، برامجه..
طيلة ملاحظة دينامية 20 فبراير وخصوصا تنسيقيتي الدار البيضاء والرباط، كانت دائما الصراعات الإيديولوجية ذات البعد الهوياتي، تبرز داخل تنسيقيات الحركة، بين التيارين الإسلامي واليساري ومع تيار يمثل الحركة الأمازيغية داخل الحركة. ولدراسة منطق الفعل الاحتجاجي داخل الديناميات الاحتجاجية، كان لزاما طرح مجموعة من الأسئلة على النشطاء المستجوبين المتعلقة بالصفات التي يرونها ضرورية بالنسبة لأفراد الدينامية الإحتجاجية، مما يوضح سؤال هل الحركة الاحتجاجية الجديدة، التي عرفها المغرب، من خلال حركة 20 فبراير أو أن الديناميات الاحتجاجية الجديدة يجب أن تكون حركة “أفراد” أم أنه من الضروري توفر مجموعة من القيم الجماعية داخل مثل هذه الحركات؟
ومن الأسئلة التي تم وضعها سؤال حول الصفات التي يرى النشطاء ضرورة توفرها في أفراد الدينامية الاحتجاجية، إذ حاولنا أن نطرح فيه (السؤال) مجموعة من الصفات التي تزاوج بين الصفات الفردانية وأخرى ذات بعد “جماعي”.
ومن بين الصفات التي عرفت نسبة عالية من الترددات، وذلك على اعتبار أن الجواب على هذا السؤال كان متعدد الإختيارات choix multiples، نجد صفة “الالتزام” بحيث اعتبر 80,8 %من المستجوبين أن هذه الصفة من الضروري أن تتوفر في أعضاء الدينامية الاحتجاجية، فيما جاءت صفة “التسامح واحترام الآخرين” في المرتبة الثانية بنسبة 72,5 %، وجاءت صفة “الوعي” في المرتبة الثالثة بحيث اعتبر 70 %من النشطاء أنه من الضروري توفرها في أعضاء الدينامية الاحتجاجية، وصفة “الشعور بالمسؤولية” جاءت في المرتبة الرابعة بنسبة، 68,3 %، بعدها كل من صفتي “الاستقلالية الفردية” و”الكفاءة التنظيمية” في المرتبة الخامسة بنسبة 52,5 %، وبنسبة أقل جدا اعتبر 6,2 % ضرورة توفر صفة “الإيمان الديني” في أعضاء الدينامية الاحتجاجية، وأخيرا 5,8 % فقط من المستجوبين عبروا عن ضرورة توفر “الانخراط في حزب سياسي” في المنتمين إلى الدينامية الاحتجاجية.
أولى مجموعة من الباحثين في موضوع الحركات الاحتجاجية الجديدة، أهمية بالغة لمسألة الهوية الجماعية داخل التنظيمات الاحتجاجية، بحيث استعمل مفهوم الهوية الجماعية في دراسة الحركات الاجتماعية بمعناه العلمي منذ ستينيات القرن الماضي، وبشكل خاص في دراسة الأسس التي تقوم عليها عملية الانتقال من “الفئة على الورق” إلى “الفئة المعبأة”. ولكن مفهوم الهوية الجماعية لم يظهر كموضوع الدراسة في سوسيولوجيا الفعل الجماعي سوى في سبعينات القرن الماضي. ومن خلال القطع مع نظريات تعبئة الموارد، سعى بعض الباحثين إلى تحليل أنواع من التعبئة رأوا أنها تختلف عن الأشكال الأكثر “كلاسيكية” للفعل الجماعي، أي الأشكال التي بنيت، حتى ذلك الوقت، حول المعارك من أجل المواطنة أو حول ثنائية رأس المال/ العمل.
كما تعرضت التحولات الاجتماعية التي يفترضُها منظرو الحركات الاجتماعية الجديدة لنقد صارم، لاسيما أن كل تعبئة جماعية تنطوي على بعد هوياتي. بيد أن الفضل يعود إلى هؤلاء المنظرين في طرح سؤال تكوين “النحن” من منظور السيرورة، محاولين على الخصوص التأكيد على أن الوحدة “هي نتيجة وليس نقطة بداية، وأن التحليل يرمي إلى تفسيرها”. ويصر “ألبرتو ميلوتشي” على ثلاثة أبعاد لصياغة الهويات الجماعية داخل الحركات الاجتماعية وعبرها، وهي: أهداف الفعل من جهة (من خلال الاهتمام بالدلالات التي يعطيها لها الفاعلون)، الوسائل المتاحة للفعل من جهة ثانية، وأخيرا، العلاقات مع البيئة، منظورا إليها من وجهة نظر خارجية وداخلية (من داخل الحركات) على السواء.
فتحليل الهوية الجماعية يقتضي الالتفات في آن واحد إلى طريقة بناء تلك الهوية وإلى كونها رهانا ثابتا للمعارك سواء على الصعيد الخارجي أو الداخلي للحركة. فعلى المستوى الخارجي، تخاض المعركة في فضاءات اجتماعية تندرج فيها الحركات بغرض تعريف حدودها الرمزية، وكذلك بقصد التأثير في توجيه المعركة.
داخل حركة 20 فبراير، كانت تطرح مسألة الهوية دائما، داخل تنسيقيات الحركة بمعنى هوية “الانتماء الإيديولوجي”، أكثر من النقاش حول بناء “هوية جماعية” مشتركة داخل الحركة.، لذلك كان من الضروري طرح سؤال حول الانتماءات التي يرى النشطاء أنها تعبر عن هويتهم؟
وفي تفاصيل أجوبة النشطاء المستجوبين، فقد اعتبر 69,09 %من المستجوبين أنهم يرون انتمائهم كمواطنين عالميين يعبر أكثر على انتمائهم الهوياتي. فيما اعتبر 62,72 %من المستجوبين، الذين أجابوا على هذا السؤال باختيارات متعددة، أنهم يرون أن الانتماء “المغربي” يعبر أكثر على انتمائهم الهوياتي، وفي نفس السؤال اعتبر 30 %من المستجوبين أن الانتماء للدين الإسلامي يعبر عن هويتهم بشكل أكبر، فيما اعتبر 22,72 %أن الانتماء الأمازيغي يعبر أكثر على انتمائهم الهوياتي.
مستقبل الاحتجاج
تم طرح الأسئلة في الاستجواب الذي أجري مع نشطاء حركة 20 فبراير بخصوص رأيهم في مستقبل الاحتجاجات في المغرب، وجوابا على سؤال إمكانية عودة حركة 20 فبراير للاحتجاج، أوضح 56 ناشطا (46,7 %) أنه لا توجد إمكانية لعودة حركة 20 فبراير للاحتجاج، بينما اعتبر 42 ناشطا (35 %) أن هناك إمكانية لعودة هذه الحركة للاحتجاج، فيما اختار 22 ناشطا (18,3 %) الجواب على هذا السؤال بـ”لا أعرف”.
أما بالنسبة لرأي نشطاء حركة 20 فبراير في إمكانية بروز حركة احتجاجية اجتماعية جديدة فقد أوضح 110 ناشطا (91,7 %) بأن هناك إمكانية بروز حركة احتجاجية جديدة، فيما اعتبر ناشطين اثنين فقط أنه لا توجد أي إمكانية لبُروز حركة احتجاجية اجتماعية جديدة في المغرب، فيما اختار ثمانية نشطاء (6,7 %) من المستجوبين الجواب على هذا السؤال بـ”لا أعرف”.
وبخصوص إمكانية مشاركة النشطاء المستجوبين في حركة احتجاجية جديدة في حالة بروزها، أوضح 86 ناشطا (71,7 %) أنهم سيشاركون في أي حركة احتجاجية جديدة إذا برزت في المغرب، مقابل ناشطين اثنين فقط أجابوا بعدم مشاركتهم في هذه الحركة الاحتجاجية لحظة بروزها، بينما فضل 32 ناشطا (26,7 %) الجواب على هذا السؤال بـ”لا أعرف”.
أما فيما يتعلق بمحرك أي حركة احتجاجية مستقبلية، فقد أوضح 86 ناشطا (71,7 %) من نشطاء الحركة المستجوبين أن محرك أي حركة احتجاجية ستظهر مستقبلا في المغرب سيكون اجتماعيا، بينما اعتبر 53 ناشطا (44,2 %) أن محرك أي حركة احتجاجية جديدة سيكون اقتصاديا، و45 ناشطا (37,5 %) اعتبروا أن محرك أي حركة احتجاجية سيكون سياسيا، ونفس عدد النشطاء 45 ناشطا (37,5 %) أوضحوا أن محرك أي حركة احتجاجية مستقبلية سيكون حقوقيا، واعتبر 11 ناشطا (9,2 %) أن محرك أي حركة احتجاجية مستقبلية سيكون نقابيا، وفقط 8 نشطاء اعتبروا أن الدين سيكون محركا لأي حركة احتجاجية ظهرت في المغرب، بينما فقط ناشطين اثنين أجابوا على هذا السؤال بـ”لا أعرف”.
خلاصات عامة
من الخلاصات العامة التي من الممكن أن تكون بمثابة خلاصات عامة لدراسة منطق ومستقبل الفعل الاحتجاجي في المغرب أنه:
- من الصعب أن تعود حركة 20 فبراير إلى الشارع للاحتجاج، بحيث اعتبر غالبية نشطاء الحركة المستجوبين (46,7 %) أنه من غير الممكن أن تعود حركة 20 فبراير للاحتجاج، فيما صرح (35 %) من النشطاء المستجوبين أن هناك إمكانية لعودة حركة 20 فبراير للشارع.
- هناك إمكانية بروز حركة احتجاجية جديدة في المغرب، بحيث أوضح أغلب النشطاء المستجوبين (91,67 %) أن هناك إمكانية كبيرة لبروز حركة احتجاجية جديدة في المغرب.
- أغلب نشطاء حركة 20 فبراير المستجوبين (71,67%) سيشاركون في حركة احتجاجية جديدة إذا برزت في المغرب.
- الحركات الاحتجاجية التي من المتوقع أن تظهر مستقبلا ستكون بمضمون اجتماعي، بحيث أوضح 71,7 % أن محرك أي حركة احتجاجية سيكون اجتماعيا.
بعد مقاربة “السلمية” أو “اللاعنفية” في اعتماد الفعل الاحتجاجي، وما واكبها من تنظيرات سياسية و/أو سوسيولوجية…، عاد النقاش، على الأقل على المستوى التنظيري، وكذلك في ممارسة بعض الحركات الاحتجاجية بأوروبا، على الخصوص، كحركة “السترات الصفر” في فرنسا، إلى سؤال جدوى الاحتجاج السلمي وما إذا كان يؤدي إلى نتائج على المستوى “تحقيق مطالب” هذه الحركات الاحتجاجية ذات البُعد الاجتماعي؟.
لذلك يبقى التساؤل مطروحا، في السياق المغربي، هل ستتصاعد الاحتجاجات ذات البُعد الاجتماعي؟ فبلغة الأرقام الرسمية التي يقدمها المغرب في التقارير الدورية التي تخص حقوق الإنسان على المستوى الدولي، وكذلك في بعض التقارير الوطنية، كتقارير المجلس الوطني لحقوق الإنسان والتصريحات التي تقدمها وزارة الداخلية أمام البرلمان، هناك تصاعد مطرد لهذه الاحتجاجات في الفضاء العام. لكن هل ستبقى هذه الحركات الاحتجاجية ترفع دائما شعارات عبر الاعتماد على السلمية أو اللاعنف؟ أم أن توجه بعض الحركات الاجتماعية الاحتجاجية الجديدة في السياق الأوروبي إلى العنف كسلاح احتجاجي، سيغير من نمط الفعل الاحتجاجي لدى الحركات الاجتماعية في المغرب لكي تتحول بدورها إلى اعتماد فعل احتجاجي جماعي يعتمد على العنف أو “التمرد”؟
وبخصوص فشل أو نجاح حركة 20 فبراير، كحركة احتجاجية، فبالعودة إلى الأدبيات السوسيولوجية لمسألة نجاح أو إخفاق الحركات الاحتجاجية، والتي لا تخلو من صعوبة إبستمولوجية وتحديا يتعلق بتحديد حقل التحليل. وتكمن الصعوبة أساسا في أن مفهومي “النجاح” أو “الإخفاق” يعبران بوضوح عن نظرة ذاتية أو إيديولوجية.
أدبيات الحركات الاجتماعية تنطوي على العديد من التنميطات، حيث يميّز بعضها بين نوعين من الآثار: قبول الحركات طرف ذي شرعية من قبل السلطة السياسية، وهي نتيجة إجرائية الطابع، والقدرة على إحداث تغييرات في السياسات العامة، وهي نتائج ملموسة متعلقة بالمحتوى. ويضاف إلى هذين النوعين من الآثار نوع ثالث، وهو تحقيق نتائج بنيوية كإسقاط الحكومة مثلا، ويمكن أيضا إضافة نمط رابع إلى هذه الثلاثية، وهو إجبار السلطات العامة على تقديم تنازلات من جهة، وإحداث تغيير حقيقي فيما يتعلق بقضايا الصراع من جهة أخرى..
بالعودة إلى ما حققته حركة 20 فبراير، في أقل من ثلاثة أسابيع، من احتجاجها في الشارع، فقد قامت بإجبار السلطات السياسية في المغرب، على إيجاد مخرج سياسي عبر خطاب ملكي، أعلن فيه الملك محمد السادس عن تعديل دستوري وإجراء انتخابات برلمانية سابقة لأوانها، وهي الإجراءات التي جاءت تفاعلا مع مطالب حركة 20 فبراير، وهذا يعتبر أثرا إيجابيا لنجاح الحركة الاحتجاجية، عبر إجبار السلطات على تقديم تنازلات وهو مؤشر يمكن اعتبار أنها نجحت في تحقيقه على مستوى اللعبة السياسية من خلال المراجعة الدستورية. لكن لا يمكن المخاطرة بالقول أن التغييرات التي عرفها المغرب، على المستوى الدستوري، تعتبر نجاحا للحركة في تغيير مجتمعي حقيقي.
مراجع مُختارة:
- تيد روبيرت، كور. 2004. لماذا يتمرد البشر؟ دبي: مركز الخليج للأبحاث.
- خمليش، عزيز. 2005. الانتفاضات الحضرية بالمغرب: دراسة ميدانية لحركتي مارس 1965 ويونيو 1981. الدار البيضاء: إفريقيا الشرق.
- حمودي، عبد الله. 2010. الشيخ والمريد: النسق الثقافي للسلطة في المجتمعات العربية الحديثة. ترجمة عبد المجيد جحفة. الدار البيضاء: دار توبقال للنشر.
- رشيق، حسن والطوزي محمد و العيادي محمد. 2013. الإسلام في الحياة اليومية، بحث حول القيم والممارسات الدينية في المغرب. الدار البيضاء: ملتقى الطرق.
- Bourdieu, Pierre. 1979. La Distinction. Critique sociale du jugement. Paris : Minuit.
- Bourdieu, Pierre. 1994. Raisons Pratiques sur la théorie de l’action. Paris : Édition du seuil.
- Olson,Mancur. 1978. logique de l’action collective, préface de Raymond Boudon.Traduit de l’américain par Mario Levi. Paris : Presses Universitaires de France.
- Bennani-Chraïbi, Mounia, et Mohamed Jeghllaly. « La dynamique protestataire du Mouvement du 20 février à Casablanca », Revue française de science politique, vol. 62, no. 5-6, 2012, pp. 867-894.
- Rachik, Abderrahmane. 2016. La Société contre L’État, Mouvements Sociaux et stratégie de la rue au Maroc. Casablanca : la croisée des chemins.
- Rachik, Hassan. 2016. Éloge des Identités Molles. Casablanca :Éditions La croisée des chemins.
- Sharp, Gene. 2009. De la dictature à la démocratie : un cadre conceptuel pour la libération. Paris :L’Harmattan.
- Touraine, Alain. 1973. la Production de la société. Paris : Seuil.
(*) ينشر ملخص هذه الدراسة التي نوقشت كموضوع أطروحة دكتوراه يوم 10 أكتوبر 2020 أيضا بجريدة الطريق في عددها 336 الذي سيكون في الأكشاك يوم الأربعاء (24 فبراير 2021)