المناضل الكبير عبد الرحمن بنعمرو راسخ القدم ..مستريح الضمير
رشيد الإدريسي
تعرض المناضل بن عمرو في مساره السياسي والحزبي والحقوقي للقمع والاعتقال والسجن، حوكم أكثر من مرة وقضى سنوات في السجن أطولها اعتقال 1983، على إثر أحداث 8 ماي كانت مدته ثلاث سنوات، وقد تعرض لاعتداءات متكررة، وكذا لعدد من محاولات الاغتيال وهي المحاولات التي أورد تفاصيلها في كتابه “من أجل ذاكرة عادلة” وبالضبط أربع محاولات نجا منها بأعجوبة، بسبب فطنته ونباهته ويقظته، ورغم كل ذلك فإنك لا تجده يتشكى أو حتى يحكي عنها، وفي الاعتداء الأخير يوم 30 مارس 2021، حين سأله صحافي عن الاعتداء الذي تعرض له، أجاب أن منع التضامن مع فلسطين أخطر من الاعتداء عليه شخصيا، أي أنه يهتم بالبعد السياسي للحدث ودلالته أكثر من أي شيء. لا يتسع المجال للحديث عن كل معالم هذه الشخصية الاستثنائية، لكن لابد من الإشارة إلى مبدأ الالتزام واحترام المواعد عند الكبير بنعمرو، فتجده أول من يصل للاجتماع في الموعد بالضبط (ويمكنك ضبط ساعتك على قدومه)، وهو آخر من يغادره، ناهيك عن العمق الإنساني والتضامني في سلوكه اتجاه رفاقه والمناضلين وكل ضحايا القمع، ومروءته واختلاقه العالية. ورغم جديته الكبيرة إلا أنه إنسان بشوش ومرح، ومن يقترب منه يعرف أن ما كان ولازال يميزه هو الثبات على المبدأ والاستمرارية والصدق والصلابة والشجاعة السياسة والنضالية، ولا جدال في رمزيته ومكانته السياسية وقيمته الحقوقية عند كل القوى الحية والديمقراطية والمناضلين وشرفاء الوطن، لذلك فحضوره في المحطات النضالية وفي المشهد السياسي والحقوقي يعطي دفعة للنضال الديمقراطي والحقوقي ليحقق أهدافه في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وهذا هو صلب انشغاله واهتمامه، وليشكل إلى جانب كل الصامدين من القادة اليساريين والديمقراطيين والشرفاء منارات مضيئة نحن في أمس الحاجة إليها في هذا الزمن. فمن هو عبد الرحمان بنعمرو ؟
يوم 30 مارس يوم الأرض، يوم للدفاع عن أرض فلسطين ضد الاحتلال الغاشم، يوم لمقاومة الاستيطان الصهيوني وتهويد الأرض واقتلاع أصحابها ومسح هويتها، هي التي تتكلم كل حبة رمل وكل شجرة عن صفحات مجيدة من المقاومة والتضحية والصمود في وجه أبشع استعمار عرفته البشرية، في المغرب الذي يعتبر الشعب المغربي قضية فلسطين قضية وطنية، قضية ترمز ليس فقط لما تعرض له الشعب الفلسطيني من احتلال عدوان ومظالم، بل ترمز كذلك لما تعرضت له شعوبنا من استعمار وظلم وتبعية ونهب للثروات وإعاقة كل المشاريع التحررية على اعتبار أن الكيان الصهيوني يشكل أداة مسخرة للامبريالية لتحقيق هيمنتها وسيطرتها على المنطقة، ولذلك ربطت الحركة التقدمية المغربية نضالها من أجل الديمقراطية والتقدم والحرية بالنضال ضد الصهيونية والامبريالية وأدواتها في المنطقة. 10 دجنبر 2020، اليوم الأسود، سيظل هذا اليوم موشوما في ذاكرة شعبنا، الذي يرمز للسقوط الكبير للحاكمين الذي أصروا على التطبيع مع الكيان الصهيوني والخضوع لضغوطات الولايات المتحدة وابتزازها والتي تسعى إلى تطبيع الدول العربية مع إسرائيل ليسهل تصفية القضية الفلسطينية وفرض الحلول الاستسلامية على شعب فلسطين. فأن يتم فرض التطبيع على الشعب المغربي وضد قناعته واختياراته وبشكل فوقي مستغلا انصياع نخبة سياسية وحزبية تابعة لكل المشاريع الرسمية التي يدعو لها المخزن، هو أمر مرفوض ومدان وهذا ما عبرت عنه التنظيمات التقدمية والديمقراطية واليسارية وكل القوى الحية المناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
القمع والمنع والعنف في مواجهة مناهضي التطبيع
الجهات الرسمية تعرف أكثر من غيرها مكانة القضية الفلسطينية لدى الشعب المغربي الذي يكون دائما في الموعد بمسيراته الشعبية الكبيرة التضامنية، وتاريخنا السياسي يكشف حجم حضور فلسطين في حياتنا السياسية والاجتماعية والثقافية، وكيف شكلت عنصرا أساسيا في تشكل الوعي التحرري لأجيال متعددة من المناضلين، بل امتزجت دماء المغاربة مع دماء الفلسطينيين دفاعا عن فلسطين ولبنان وسقط عدد لا يستهان به من المناضلين المغاربة والجنود في ساحة المعركة دفاعا عن فلسطين، ولذلك فالسلطة تحاول بمختلف أشكال المنع والقمع، إسكات كل الأصوات الرافضة للتطبيع، وممارسة التعتيم والحصار لإخفاء الحقيقة الناصعة، أن الشعب المغربي لا يمكن له قبول الاستسلام للكيان الصهيوني الذي يسعى إلى اكتساح منطقتنا وتطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية، وتزييف حقيقته ككيان عنصري استعماري واستيطاني
إحياء يوم الأرض وتدشين مرحلة جديدة
كل من يناضل من أجل التحرر والديمقراطية والتقدم ومساندة القضايا التحررية العادلة وفي مقدمتها قضية فلسطين، سيدرك أن مرحلة جديدة تلوح في الأفق بتعقيداتها وتداخلاتها، خصوصا بعد انتكاسة الربيع العربي وانتصار الثورات المضادة التي قادتها القوى الرجعية والامبريالية في أكثر من منطقة وإجهاضها لانتفاضات الشعوب من أجل الحرية والكرامة، كما أن الغرب الامبريالي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية يتقن عملية مقايضة أنظمة الاستبداد، ودول المنطقة بشأن وحدتها الترابية واستقلالية قراراها وتقرير مصيرها السياسي والاقتصادي، وفرض مزيد من التبعية والخضوع ملوحا بعدة أوراق من تفكيك وحروب وإرهاب.
إن الوعي بهذه التحولات والتحديات والمخاطر سيطرح على القوى المناضلة ضرورة بلورة استراتيجية نضالية تحررية طويلة النفس، وهذا ما عبرت عنه العديد من التنظيمات والقوى الحية واليسارية والديمقراطية التي سارعت للتعبير عن رفضها وإدانتها للتطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي اعتبرته طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني وخيانة للقضايا التحررية للشعب المغربي، وأكدت أن تلك الخطوة تفتقد للمشروعية السياسية والقانونية، وأنها ستتصدى لها بكل الوسائل ولن تقبل أن يتم فرض الأمر الواقع، وتزيف حقائق التاريخ، ليتحول الكيان الغاصب والمجرم لصديق وشريك، ولقد جاءت بياناتها وتصريحات مسؤوليها واضحة، رغم أن النظام حاول أن يستغل وضعا سياسيا يتمثل في انصياع وخضوع عدد من الأحزاب والتنظيمات لتوجهاته وجبن قيادات سياسية ومدنية، تلتجئ إما للصمت في أحسن الأحوال، أو تتحول إلى بوق دعائي لقرارات المخزن الذي أصبح يملك قرارها ويتحكم في مستقبلها، ويفرض عليها التحرك وفق أجندته على جميع المستويات، وهذا ما شجع النظام على إشهار القمع والمنع على المعارضين، وهكذا تعرضت معظم الوقفات ومختلف أشكال التعبير عن الرأي للمنع والقمع، لتتوج بقمع وعنف يوم 30 مارس 2021 بعد أن قررت التنظيمات المناهضة للتطبيع والمدعمة لفلسطين النزول للشارع في أكثر من مدينة ومنطقة بشكل موحد.
رمزية الاعتداء على المناضل عبد الرحمن
بن عمرو
في مساء يوم الثلاثاء 30 مارس 2021، توجه المناضل عبد الرحمان بنعمرو كعادته وكما ظل يفعل لسنوات ملتزما بالحضور والمشاركة في كل الوقفات والمسيرات الحقوقية والتضامنية، لا يغيب إلا بسبب ظرف استثنائي أو خاص. يحضر مساندا ومتضامنا ومدعما ومناصرا لكل القضايا العادلة. فالأمر بالنسبة إليه واجب نضالي والتزام أخلاقي، خصوصا وأنه في الغالب يساهم في بلورة قرارات تلك المبادرات النضالية ويحث على الالتزام والتعبئة لها، مؤمنا باستمرارية جذوة النضال متقدة، وهو الذي يدرك أن النهر الكبير الهادر تصب فيه الجداول والشعاب مهما كانت صغيرة، وأن المقاومة هي فعل يومي وطقس دائم، وهو المهموم بقضايا شعبه، المؤمن بعدالة ومشروعية نضاله من أجل الحرية والكرامة، سخيا في عطائه النضالي وتضحياته، قويا الإرادة وثابتا وصلبا في مواجهة المحن كيفما كانت، وحين اعتدى عليه رجل الأمن في ذلك المساء وأسقطه أرضا، لم يتفاجأ، بل انتفض في وجهه ونهض متحديا في غضب، مدافعا عن حقه وحق المغاربة الذي جاء يمثل الأحرار منهم، وينوب عن شعب بقامته النضالية وتاريخه المجيد، وليقول للحاكمين إن شعبنا يرفض الذل والعار الذي تمثله اتفاقية التطبيع، وإن شعبنا لن يصمت ولن يستسلم. كان سقوطه في ذلك اليوم يعني أن الماسكين بالقرار السياسي والأمني ضربوا بعرض الحائط كل القوانين والالتزامات، ولجوؤهم للعنف والبلطجة والاعتداءات دليل على مأزقهم وفشلهم وعدم مشروعية اختياراتهم المعاكسة لطموحات واختيارات الشعب المغربي.
وينقلب السحر على الساحر
حين تناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل صورة أحد أهرام النضال التحرري والديمقراطي والحقوقي وهو ساقط على الأرض أو بمعنى أصح في تحدي لآلة القمع دفاعا عن فلسطين، وعن الحق في التعبير، تفجر غضب واسع لدى مختلف الشرائح والمواطنين والفعاليات الديمقراطية واليسارية وتنظيمات ومناضلي اليسار والقوى الحية وكل الأحرار، ليس فقط لأنهم استهدفوا رجلا مهابا عظيما برمزيته وتاريخه النضالي، بل لأن الجميع أحس أن بنعمرو كان يمثله وينوب عنه، ويعبر عن غضبه ورفضه لتلك الصور المهينة لحظة توقيع اتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني، كل واحد أحس بمشاعر مختلطة، وهو ينظر لتلك القامة وهو جالس على أرض تحتضنه وتحميه، مشاعر الغضب ومشاعر الاعتزاز والإكبار على هذا الصمود الملحمي الذي يجسده كعنوان لصمود شعبنا ضد الاستبداد والقمع، صمود رجل فتح عينيه على قضايا حارقة وعاش لهيب الصراع مع الحكم في أكثر من موقع وساحة، عاش انتصارات الحركة ووهجها الشعبي وقوتها الضاربة وتحمل إلى جانب رفاقه كل الضربات ومسلسلات القمع، صمد وكافح وسجن وظل واقفا كالجبل، يعرف أنه يمثل جيل المؤسسيين، حيث يستشعر بمسؤولية مواكبة ومرافقة باقي الأجيال في معركة التغيير، ويعيش قضايا شعبه كهم يومي بها يحيى وبها يتنفس ويجدد الآمال، هو يعرف المخزن جيدا ولا يأبه بتصرفاته، ويدرك بحسه وخبرته أنهم بتصرفاتهم اللامسؤولة يعبرون عن خوفهم في مواجهة شجاعة الموقف والالتزام،.. حين وقع ما وقع نهض وتوجه إلى جانب رفاقه للحضور للقاء صحفي، وحين سأله صحفي من موقع الكتروني عن الاعتداء الذي تعرض له، أجاب: “منع التضامن مع فلسطين اخطر من الاعتداء علي.”
عبد الرحمان بنعمرو.. سيرة وطن من أجل الحرية والكرامة
من مدارس محمد الخامس إلى مدارس سوريا
حين فتح عينيه سنة 1934 بالرباط في وسط عائلة عريقة، وجد نفسه يخطو خطواته الأولى في مناخ ضارب في الوطنية والقيم التحررية، حيث كان تعليمه وتدريسه محكوما بلحظة تاريخية، لحظة صراع ضد الاستعمار وسياسته وخططه، ولذلك شكلت المدرسة مجالا من مجالات الصراع للوطنيين من أجل الدفاع عن الوطنية والاستقلال، بعد مرحلة المسيد سيلج مدرسة جسوس التي سيتم إغلاقها من طرف سلطات الحماية، حيث سينتقل إلى مدارس محمد الخامس بالرباط التي تشرف عليها الحركة الوطنية وفيها سيتشكل وعيه الوطني التحرري، ولأن بيت العائلة كان يحتضن اجتماعات الوطنيين لارتباط أخيه الأكبر بتنظيمات الحركة الوطنية، مما جعله في خضم قضايا الحرية والاستقلال وهو ما سيتعمق نسبيا وخصوصا مع أستاذ اللغة الفرنسية المرحوم المكي أزكاغ، المتشبع بالفكر اليساري حسب ما جاء في كتابه من أجل ذاكرة عادلة، ويواصل رحلته الدراسية ليقرر استكمال دراسته في المشرق العربي، حيث وقع الاختيار على سوريا التي حصل فيه على الباكالوريا، وهي مرحلة انفتح فيها فكره ووعيه السياسي على قضايا الاستعمار والتبعية وكفاح الشعوب من أجل التحرر، كما احتك بالفكر الاشتراكي، وخصوصا أنه كان له اتصال بالتيارات التقدمية والاشتراكية من خلال أساتذته والطلبة. في كتابه يتذكر حدث تنظيم تظاهرة طلابية حاشدة سنة 1954 من طرف الطلبة السوريين والأساتذة والمواطنين بمختلف توجهاتهم مساندة لكفاح الشعب المغربي من أجل الاستقلال، وكيف تناول الكلمة لأول مرة أمام ذلك الحشد الكبير في مدينة حلب، حيث تمحورت كلمته حول التنديد بالاستعمار وأساليبه القمعية ومطالب الحركة الوطنية.
الدراسة الجامعية في مناخ تحرري
وبعد حصوله على الباكالوريا سينتقل إلى مصر لاستكمال دراسته الجامعية واختياره شعبة القانون، وحين وصل إلى مصر سنة 1955 كانت قد مضت ثلاثة سنوات على ثورة 23 يوليوز التي قادها جمال عبد الناصر ورفاقه في تنظيم الضباط الأحرار، حيث شرعت مصر في عدد من التحولات التي اتخذت بعدا تحرريا وتقدميا، كما اتسمت بمواقف مناهضة للاستعمار والرأسمالية الامبريالية ومساندة لحركات التحرر العربية، في هذا المناخ سيعيش بن عمرو مرحلته الجامعية مما أثر في تكوينه وقناعاته، ويتذكر في كتابه : “شكلت خطب عبد الناصر التي كنت أتابعها عبر المذياع في أغلب الأحيان، وفي إحدى المرات بالحضور المباشر، والتي كان يعلن من خلالها عن العديد من القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعن العديد من المواقف مثل مهاجمته للرجعية العربية وفضحه لاختياراتها السياسية ومهاجمته للاستعمار والامبريالية وفضحه لاختياراتها وأساليبها.. وتأميم قناة السويس وتأميم المؤسسات الاقتصادية والمالية والتجارية والأراضي الزراعية الكبيرة وتوزيعها على الفلاحين الصغار ومجانية التعليم والصحة والحركية الثقافية والأدبية بإنتاجها الغزير والتقدمي والإنساني.”، وباعتباره طالبا مغربيا وجد نفسه في هيكل منظم مع الطلبة المغاربة في البداية في إطار جمعية الطلبة المغاربة بمصر، التي ستتحول إلى فرع للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وهي الجمعية التي انتخب رئيسا لها لولايتين، والتي مكنته من الالتقاء مع الطلبة الفلسطينيين الذين كانت جمعيتهم نشيطة جدا ويترأسها الشهيد ياسر عرفات، كما كان يلتقي رفقة الطلبة المغاربة بمحمد بن عبد الكريم الخطابي بمنزله، وهي الزيارة الأسبوعية التي كان يقوم بها الطلبة وخصوصا يوم الجمعة حيث يتناولون طعام الكسكس في منزل البطل عبد الكريم الخطابي، الذي كان منفيا في مصر، وهي الشخصية التي أثرت في عبد الرحمن بن عمرو، الذي كما قال عنه يحمل فكرا ثوريا ضد الظلم والفساد.. لقد كان حدث الإعلان عن الاستقلال بالمغرب مناسبة لمناقشات واسعة بين الطلبة المغاربة بمصر حول طبيعة هذا الاستقلال، وقد انعكس هذا الاختلاف بين جناحي حزب الاستقلال على الطلبة في الخارج وانقسموا، وسيختار بن عمرو التوجه اليساري الذي سيقوده المهدي بن بركة.
محام في خدمة قضايا الحرية وحقوق الإنسان
مباشرة بعد عودته للمغرب سيلج مهنة المحاماة كمحام متمرن، وهو اختيار لم يحدده فقط السعي إلى توفير مستلزمات العيش، بل هو اختيار نابع من قناعة ترسخت لديه وهي العمل على الدفاع عن الحريات والحقوق والوقوف في صف المظلومين ومناهضة التعسف ومختلف مظاهر القمع، وخصوصا أن اللحظة التاريخية تلك كانت عصيبة، ساد فيها القمع الأسود والملاحقات والاعتقالات والمحاكمات الصورية، في ظل مواجهة سياسية مباشرة بين مشروعين متناقضين، مشروع التبعية والاستبداد والاستحواذ على السلطة والانفراد بالحكم، ومشروع تحرري يسعى إلى إعطاء الاستقلال بعدا وطنيا وتقدميا لبناء مغرب الحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية. هكذا سيجد نفسه المحامي الشاب في خضم محاكمات يتوجب عليه حضورها ومؤازرة ضحايا القمع، ومن أبرز المحاكمات السياسية التي تنصب كدفاع فيها، محاكمة 1963 المعروفة بمؤامرة 63 التي سعى فيها الحكم إلى اجتثاث الاتحاد
الوطني للقوات الشعبية وإنهاء وجوده في الساحة، بعد أن أدرك قوته الشعبية الضاربة نتيجة الانتخابات التي أجريت والتي تصدر فيها النتائج، مما ودفع الحكم إلى التزوير والعمل من أجل القضاء على الاتحاد، لقد كانت تلك المحاكمة التي حضرها النقيب كمحام، متتبعا فصولها ومحتكا من خلالها بالمشهد السياسي والحزبي وأطره، وقادته التي كانت تًتَابع إما في حالة اعتقال أو غيابيا. ومن محاكمة لأخرى.. محاكمة مراكش والعسكريين ومعتقلي 3 مارس، تم عشرات المحاكمات السياسية طيلة عقود والتي مست المناضلين والأطر والنقابيين والصحفيين والشباب التقدمي واليساري والطلبة وكل من تعرض للقمع كيف ما كان انتماؤه أو فكره، لقد دافع ولازال عن ضحايا القمع بمختلف انتماءاتهم وقناعتهم وقدم تضحيات كبيرة وأسطورية من وقته وجهده وماله في سبيل ذلك. وفي كل ذلك كان الأستاذ عبد الرحمن بن عمرو يرسم بنزاهته وجديته ومثابرته وإخلاصه لقواعد وأعراف المهنة ونبل رسالتها، مسارا متميزا اتسم بالاجتهاد القانوني والبحث والدراسات وإغناء الحقل القانوني والحقوقي بعطاء فكري وقانوني، قل نظيره حتى أصبحت مرافعاته ومذكراته مرجعا أساسيا للطلبة والباحثين في مجال القانون، كما أسهم في تطوير المهنة والدفاع عنها وتمثيل المحامين، حيث سينتخب نقيبا للمحامين بالرباط سنة 1973، ورئيسا لجمعية هيئة المحامين بالمغرب سنة 1978، وساهم بشكل كبير في بلورة قراراتها وتوصياتها سواء ما يتعلق بالمهنة أو بحقوق الإنسان أو القضايا الوطنية والعربية والدولية، ومدافعا قويا عن استقلالية القضاء ونزاهته وهو الذي أدرك من خلال تجربته كمحام ورجل قانون، الخطورة التي يمثلها غياب قضاء نزيه ومستقل على الحقوق والحريات والحياة الاقتصادية والسياسية، وعايش كيف تحول القضاء والى أداة مسخرة من طرف الحكم لمواجهة المعارضين وقمعهم وسجنهم وغطاءا لأبشع الممارسات القمعية. وأداة لتكريس الظلم ومصادرة الحقوق، لقد تمكن من خلال تجربته المهنية التي كان متسلحا فيها بالثقافة القانونية والحقوقية الكبيرة والوعي السياسي والخلفية الفكرية التحررية، من أن يستوعب عمق القانون وثغراته واختلالاته وطبيعته والمصالح الطبقية والسياسية التي يدافع عنها، وأدرك بوعيه كذلك أهمية النضال على هذا الصعيد ومجابهة أعداء الحرية والعدل في المجال القانوني، وتحقيق العديد من المكاسب والإنجازات، وتشهد العديد من القضايا على عمق اجتهاداته وإنجازاته، ونتذكر قضية “الصابو” وقضايا تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة ومؤسساتها، وقضية استعمال اللغة الفرنسية في الوثائق الرسمية للعدد من الوزارات والمؤسسات… الخ
بن عمرو والشهيد بن بركة
تركت شخصية المهدي بن بركة أثرا كبير على الأستاذ بن عمرو حيث كتب (بعد عودتي للمغرب فإن الشخصية السياسية التي تأثرت بها هي شخصية المهدي بنبركة… كان المهدي مناهضا للاستبداد والفساد والاستغلال ولسلطة الحماية في عهد الاستعمار وللحكم المخزني في عهد الاستقلال.. خصوص وأن المهدي كان صاحب النظرة الشمولية والتوجه اليساري، إنه الإنسان الذي يؤمن بوحدة النضال ضد الاستبداد والاستغلال على المستوى الوطني والمغاربي والعالمي). تأثره بالشهيد المهدي ليس على مستوى أفكاره ومشروعه السياسي ونضالاته فقط، بل أيضا على مستوى ما يميز شخصيته من نبوغ وذكاء وحركية وتضحيات، وحضور دائم وطنيا ودوليا في مختلف المعارك ضد الاستعمار والامبريالية والصهيونية والاستبداد ومن أجل الحرية والتحرر، وتأثر بتقريره الاختيار الثوري الذي تضمن تحليلا عميقا لأوضاع البلاد أنداك وآفاق التغيير الديمقراطي والثوري والبرنامج السياسي الذي حدد خطوطه العريضة في التحرر من الاستعمار المباشر وغير المباشر والتخلص من التبعية وسيطرة الإقطاع والبورجوازية وإقامة نظام ديمقراطي بأفق اشتراكي، سيشكل هذا التقرير بالنسبة إليه، مرجعا وموجها سينضاف إلى ذلك الزخم الفكري والسياسي الذي طبع المرحلة من صعود لحركات التحرر وانتصار العديد من الثورات والتجارب الاشتراكية، ناهيك عن ما حمل معه من أفكار وتجارب وصعود شعبي وتقدمي في مصر وسوريا التي عاش فيها مرحلة أساسية من شبابه، ولذلك سيطبع مساره السياسي بالجدية والمسؤولية والصدق وصلابة الموقف، حيث سينخرط في صفوف الاتحاد الوطني للقوات للشعبية مناضلا ومسؤولا وسيتحمل المسؤولية في أواخر الستينات في الكتابة الإقليمية، كما أتيحت له الفرصة للاحتكاك بأبرز القيادات السياسية داخل الحركة الاتحادية، ومن بينهم الشهيد عمر بنجلون الذي واكب حركيته وتأثر بمواقفه وخصوصا في مجهوداته من أجل تطوير الحزب حيث شكلت مذكرته التنظيمية خطوة مهمة لتحويل الحزب أنداك من تيار شعبي واسع إلى حزب منظم بمؤسساته وهياكله قادرا على قيادة النضال السياسي والاجتماعي والصمود اتجاه مختلف الأحداث والهزات.
المسار السياسي والحقوقي.. تفاؤل الإرادة وتشاؤم العقل
تلخص هذه المقولة لغرامشي “تفاؤل الإرادة و تشاؤم العقل”، بكل دلالاتها ومعانيها، مسار المناضل الفذ عبد الرحمن بن عمرو، التي تدل على أن إرادته واستعداده للنضال والتضحية لا حدود لها، وأن مساره النضالي ظل مطبوعا بالاستمرارية والعمل الجاد والمثابر في واجهات النضال السياسي والحقوقي والفكري والحزبي، لم يتعرض لليأس أو التراجع أو الفتور، كان مؤمنا ولازال بأن التغيير الشامل مهما طال سيتحقق، وأن تحقيق أي مكسب ولو كان جزئيا في أي مجال هو أمر مهم، كان يفرح لأي انتصار سواء في البلاد أو خارجها، وإذا كانت إرادته متفائلة فإن عقله متشائم أي عقل نقدي، يضع الأسئلة الدائمة ويسعى إلى فهم واستيعاب الوضع والتحولات، يستخلص الدروس من التجارب ولا يستكين للأفكار الجاهزة، لا يركن للجاهز ولا ينخدع بالشعارات وخطابات التضليل مهما حاولت إخفاء حقيقتها، فله من النباهة والذكاء ما يجعله يكشف حقيقة الأشياء وحقيقة القرارات وطبيعة النظام وجوهره حتى ولو تغيرت طبيعة الأشخاص والخطاب والأساليب، يهتم بكل ما جوهري وأساسي، وهذا ما جعل يقظته الفكرية والسياسية تصاحبه في مساره السياسي والحقوقي، ويدرك ألاعيب المخزن ودهاءه ومكره وسياسته في التضليل والمغالطات، ولقد كانت له الشجاعة للجهر بمواقفه والدفاع عنها في مختلف الظروف والمحافل، وهذا ما جعله حاضرا في كل المحطات التاريخية التصحيحية داخل الحركة الاتحادية، بدءا من الدينامية التنظيمية التي أطلقها عمر بنجلون لإعادة بناء تنظيمات الحزب على ضوء مذكرته التنظيمية، وقرارات 30 يوليوز 1972 التي حسمت مع الجناح النقابي والنهج التوفيقي داخل الحزب، الذي شكل عرقلة حقيقية ستتضح خطورتها بعد الحسم التنظيمي، ويتذكر الأستاذ بنعمرو في كتابه من أجل ذاكرة عادلة، قرارات اجتماع اللجنة المركزية للاتحاد سنة 1974 وهو الاجتماع الذي انعقد بسرية تامة، واتخذت فيه قرارات هامة من بينها الشروع في التحضير للمؤتمر الاستثنائي الذي قدم فيه الشهيد عمر بن جلون التقرير الإيديولوجي الشهير. وتتواصل معارك بن عمرو إلى جانب رفاقه على جميع الواجهات، مؤطرا للتظاهرات والتجمعات والندوات السياسية والحزبية، مدافعا عن هوية الاتحاد الفكرية والسياسية والنضالية واستقلالية قراره السياسي وضوابطه التنظيمية، ليجد نفسه في مواجهة الانحراف السياسي والتنظيمي والممارسات الانتهازية، حيث خاض إلى جانب رفيقه أحمد بنجلون وكل أعضاء اللجنة الإدارية المحسوبين على الجناح اليساري وأعضاء اللجنة المركزية والقيادات الشبيبة والطلابية وقواعد الحزب في الأقاليم، صراعا مريرا ضد الانحراف والانتهازية اليمينية التي سيؤكد التاريخ والحاضر صحة وسلامة مواقفهم ونبل وقيمة وشجاعة تلك المواقف التي اتخذوها دفاعا عن تراث الحركة الاتحادية الأصيلة وتضحيات شهدائها ومناضليها، وها نحن نرى بأم أعيننا في وقتنا الحاضر المآل المأساوي الذي وصله الاتحاد، لقد تحمل المناضل بن عمرو في سبيل ذلك هو وباقي المناضلين تضحيات كبيرة تمثلت في السجن والتضييق والطرد من العمل، لكن يشهد التاريخ أنهم لم يستسلموا ولم يخضعوا لمختلف الضغوطات، ولقد قاد إلى جانب رفاقه في تنظيمات الحزب حركة تصحيحية عارمة حتى 8 ماي 1983، حيث تم الإعلان عن تغيير اسم الحزب من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ـ اللجنة الإدارية، إلى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. وظل يتحمل المسؤولية في قيادة الحزب كعضو للكتابة الوطنية، أو ككاتب عام، وحين قرر التنحي في المؤتمر الأخير من أي مسؤولية في الكتابة الوطنية، وقف أعضاء اللجنة المركزية متشبثين به، لأنه بالنسبة لمناضلي الحزب يشكل صرحا كبيرا وضميرا حيا للحزب ومرشدا ومنارة تضيء الطريق.
مؤسس حركة حقوق الإنسان
أسهم الأستاذ بن عمرو بدور أساسي في تأسيس العمل الحقوقي بالمغرب أواخر السبعينات لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان ومؤازرة ضحايا مصادرة الحريات العامة والخاصة، ونشر الوعي الحقوقي في أوساط المواطنين، وتغيير التشريعات والقوانين المنافية لحقوق الإنسان، وكانت تلك خطوة سباقة على مستوى المنطقة العربية، حيث اعتبر من الرعيل الأول المؤسس للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وكان عضوا فاعلا في لجنتها التحضيرية (أنظر شهادة عبد الرحيم الجامعي) وبعد التأسيس في 24 يونيو سنة 1979 سيعمل إلى جانب قيادتها في تأسيس فروع لها، ولقد تعرضت الجمعية للتضييق والمنع والحصا، وبعد خروجه من السجن سنة 1986 سيعمل مع عدد من المناضلين من أجل إحياء هياكل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، متصديا من جهة لمختلف العراقيل ولبعض المحاولات الساعية لإقبار الجمعية من طرف البعض الذي كان يتحين الفرصة لإنهاء وجودها، ولقد نجحت الجمعية في أواخر الثمانينات في إعادة تجديد نشاطها وتوسعها وتطورها، وواكب حركيتها وأسهم في انفتاحها وأعطى للبعد الديمقراطي والتشاركي أهمية كبيرة في حياتها الداخلية بقناعة أن الجمعية يجب أن تظل بيتا مفتوحا لكل الديمقراطيين واليساريين بدون هيمنة أو تحكم، حتى تظل قوية وذات مصداقية، وتحمل مسؤولية رئاستها وهي المرحلة التي شهدت أحداث هامة ومبادرات قوية أبرزها المطالبة بمساءلة 36 شخصية مدنية وعسكرية تتحمل المسؤولية في ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتنظيم وقفات احتجاجية حول ذلك، جهوية ووطنية، منها وقفة أمام البرلمان تعرضت للقمع وأدى ذلك إلى اعتقال ومتابعة عدد من أعضاء ومسؤولي الجمعي ، وسيشكل ذلك حدثا مفصليا في مسار الاحتجاج السلمي بالمغرب، حيث انتزع الحق في تنظيم وقفات احتجاجية دون الحصول على ترخيص مسبق، على إثر الحكم الاستئنافي الذي اعتبر أن الوقفة لا تستلزم ترخيص السلطات العمومية، وهذا ما سيؤدي إلى توسع هائل للحركة الاحتجاجية للعديد من الفئات والمواطنين. وستتواصل مجهوداته داخل الجمعية والحركة الحقوقية المغربية وعمله من أجل وحدة العمل الحقوقي بدءا بتجربة التنسيق مع العصبة المغربية لحقوق الإنسان إلى غاية تشكل الائتلاف المغربي لمنظمات حقوق الإنسان، وظل في كل ذلك محكوما بهم وهاجس الوحدة والتجميع، والسعي لإيجاد حلول للمشاكل والأزمات الداخلية، هاجسه الأكبر أن تظل الحركة الحقوقية قوية وفاعلة ومناضلة، والجدير بالذكر أن فطنته ووعيه الحاد بما ظل ولازال يحاك ضد الحركة الحقوقية من أجل تشتيتها وإقبارها، حيث أنه بحكم خبرته وتجربته ومعرفته بأساليب الحكم والأجهزة كان ينبه ويحذر ويتصدى بشجاعة لخصوم حقوق الإنسان، وهي الشجاعة التي يتذكرها المناضلون حين رفض هو والمرحوم الحيحي في لقاء مع وزير الداخلية إدريس البصري وأكديره الانضمام للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، للحفاظ على استقلالية الجمعية برفض تزكيتهما لسياسة النظام في مجال حقوق الإنسان رغم التهديدات والضغوطات.
قضية فلسطين الحضور الدائم
ظلت قضية فلسطين حاضرة في نضاله مند الستينات، حيث تحمل المسؤولية في أجهزة جمعية مساندة الكفاح الفلسطيني، وكذلك في عدد من الهيئات والمبادرات المتصلة بالتضامن مع كفاح الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال، وتحمل المسؤولية في مجموعة العمل الوطنية لدعم فلسطين، وفي جبهة مناهضة التطبيع …، ناهيك عن مساهمته في العديد من التظاهرات العربية والدولية المناصرة للشعب الفلسطيني، وهو كما قال معن بشور : “فلسطين بالنسبة إليه، ليست فقط قضية أرض واستقلال وإنهاء للاحتلال.. إنها برنامج عمل من أجل التغيير والتحرر من الامبريالية والصهيونية وعملائها”، كما انشغل بعدد من القضايا القومية مثل العراق واليمن ولبنان، وأطلق هو وعدد من المحامين مبادرات نضالية تتمثل في رفع دعوات ضد صهاينة وضد التطبيع الذي باشرته الدولة، باعتباره اتفاقا يفتقد للمشروعية السياسية والقانونية.
الصمود في مواجهة المحن
تعرض المناضل بن عمرو في مساره السياسي والحزبي والحقوقي للقمع والاعتقال والسجن، حوكم أكثر من مرة وقضى سنوات في السجن أطولها اعتقال 1983، على إثر أحداث 8 ماي كانت مدته ثلاث سنوات، وقد تعرض لاعتداءات متكررة، وكذا لعدد من محاولات الاغتيال وهي المحاولات التي أورد تفاصيلها في كتابه “من أجل ذاكرة عادلة” وبالضبط أربع محاولات نجا منها بأعجوبة، بسبب فطنته ونباهته ويقظته، ورغم كل ذلك فإنك لا تجده يتشكى أو حتى يحكي عنها، وفي الاعتداء الأخير يوم 30 مارس 2021، حين سأله صحافي عن الاعتداء الذي تعرض له، أجاب أن منع التضامن مع فلسطين أخطر من الاعتداء عليه شخصيا، أي أنه يهتم بالبعد السياسي للحدث ودلالته أكثر من أي شيء. لا يتسع المجال للحديث عن كل معالم هذه الشخصية الاستثنائية، لكن لابد من الإشارة والى مبدأ الالتزام واحترام المواعد عند الكبير بنعمرو، فتجده أول من يصل للاجتماع في الموعد بالضبط (ويمكنك ضبط ساعتك على قدومه)، وهو آخر من يغادره، ناهيك عن العمق الإنساني والتضامني في سلوكه اتجاه رفاقه والمناضلين وكل ضحايا القمع، ومروءته واختلاقه العالية. ورغم جديته الكبيرة إلا أنه إنسان بشوش ومرح، ومن يقترب منه يعرف أن ما كان ولازال يميزه هو الثبات على المبدأ والاستمرارية والصدق والصلابة والشجاعة السياسة والنضالية، ولا جدال في رمزيته ومكانته السياسية وقيمته الحقوقية عند كل القوى الحية والديمقراطية والمناضلين وشرفاء الوطن، لذلك فحضوره في المحطات النضالية وفي المشهد السياسي والحقوقي يعطي دفعة للنضال الديمقراطي والحقوقي ليحقق أهدافه في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وهذا هو صلب انشغاله واهتمامه، وليشكل إلى جانب كل الصامدين من القادة اليساريين والديمقراطيين والشرفاء منارات مضيئة نحن في أمس الحاجة إليها في هذا الزمن.