قانون المالية 2023 ينسف شعار الدولة الاجتماعية
◆ الطريق
كانت اقتراحات فيدرالية اليسار متقدمة جدا من خلال ما طرحته النائبة البرلمانية فاطمة التامني، حيث صرحت أن مشروع قانون المالية لسنة 2023 يأتي في ظرفية دقيقة، تتمثل في تداعيات الجائحة التي مازالت آثارها ترخي بظلالها خصوصا على المقاولات الصغرى والعاملات والعمال الذين فقدوا الشغل، ويتمثل العنصر الثاني في الجفاف وانعكاساته الاجتماعية، ويتمثل العنصر الثالث في الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها. وهي العناصر التي تداخلت لتعمق الأزمة الاجتماعية، ما وسع دائرة الفقر والبطالة والهشاشة والتفاوتات الاجتماعية والمجالية والمزيد من تفكيك الطبقة الوسطى التي كانت تلعب دور التوازن الاجتماعي. وبالتالي كان المفروض أن يكون مشروع قانون المالية مستوعبا لطبيعة الظرفية، ما يستدعي أن يكون مطبوعا ببعد اجتماعي. للأسف كما جرت العادة جاء مخيبا للآمال، وخاليا من البصمة الاجتماعية. ومن الطبيعي أن تكون نتائجه المنتظرة إفقار الفقراء وإغناء الأغنياء، فالإجراءات المتخذة لم تحدث القطائع مع اختيارات الحكومات المتعاقبة. والوضع يتسم بالغلاء المهول للأسعار، وارتفاع غير مسبوق لأثمنة المحروقات، وضرب القدرة الشرائية. ورغم ذلك تم التملص من مخرجات الحوار الاجتماعي بخصوص تحسين الدخل عبر الزيادة في الأجور والمراجعة الضريبية. وإذا كانت الدروس البليغة للجائحة قد أكدت مدى أهمية قطاع التعليم في نهضة الأمم وتقدمها، ومدى أهمية قطاع الصحة في توفير مقومات مواجهة الوباء والحد من عواقبه الخطيرة، وتوفير إمكانية الصمود والبقاء الوجودي. ومدى أهمية الشغل اللائق الضامن لكرامة الإنسان ومواطنته. إلا أن هذه القطاعات لم تنل من الاهتمام ما يؤهلها لتقوية المغرب وترسيخ دعائم التنمية المستدامة. فمازالت عقلية التفكير في الإصلاح دون الكلفة المالية الممنوحة لهاته القطاعات، ومازالت مخططات تكريس نزيف الطبقة الوسطى التي تتجه نحو الاندثار والالتحاق بدائرة الطبقات المسحوقة. إن مشروع قانون المالية كان أمام اختبار الدولة الاجتماعية المرفوعة كشعار من طرف الحكومة، وهو الاختبار الذي كانت نتيجته الفشل الذريع. للأسف فمشروع قانون المالية وضع بمنطق خارج السياق وخارج الحظة التاريخية ودقتها.
فيما يلي بعض التعديلات التي دافعت عليها فيدرالية اليسار، في البرلمان، حول مشروع قانون المالية رقم 50.22 للسنة المالية 2023:
- تخفيف الضغط الجبائي على دخل الطبقات الهشة والمتوسطة لتحسين القدرة الشرائية للأجراء.
- حذف الضريبة على القيمة المضافة على كل الأدوية والمنتجات الصيدلية المخصصة للإنسان نظرا لأن أكثر من 50% من مصاريف الصحة تتحملها الأسر والمواطن المغربي من جيبه، وهذا الإعفاء سيخفف من عبئ تحمل مصاريف العلاج على المواطنين، ومن شأن هذا الإجراء أن يساهم في تخفيض ثمن الأدوية المرتفعة مقارنة مع القدرة الشرائية، وسيساعد على استهلاك أفضل للأدوية وتمكين المواطنين من ولوج احسن للعلاج، لأن أغلب الدول المجاورة وفي حوض البحر الأبيض المتوسط تعفي الأدوية من الضريبة على القيمة المضافة إلا المغرب الذي يفرض نسبة %7. نفس الشيء بالنسبة للمستلزمات والأدوات المدرسية.
- تحدث ضريبة على الثروة تصاعدية، خصوصا ما يتعلق بالودائع والحسابات البنكية والعقارات والمبالغ الموروثة، بهدف مساهمة فعلية للأغنياء في التكاليف العمومية وفي تنمية البلاد وتحقيق مداخيل إضافية لخزينة الدولة.
- من أجل إرادة حقيقية لتطوير التعليم الذي يشكل اللبنة الحقيقية لتقدم بلادنا إعطاءه زخما خاصا، فمبلغ 800 مليون درهم هو المطلوب أي اقل من %0.3 من ميزانية الدولة، ودعم الصحة العمومية في إطار “الدولة الاجتماعية”.
- تخصم نسبة 4% من نفقات التسيير الخاصة بالميزانية العامة للسنة المالية 2023 لقطاعات وزارية ومؤسسات أخرى من أجل دعم الصحة العمومية وإصلاح التعليم العمومي باعتبارهما أولوية الأولويات.
- إلغاء الإعفاءات الدائمة من الضريبة فيما يخص المؤسسات: مؤسسة الشيخ زايد سلطان، جامعة الأخوين بإفران، مؤسسة الشيخ خليفة ابن زايد، لأنها تمارس عملا ذا طابع تجاري وربحي.
- مساهمة الشركات التي تفوق أرباحها مليوني درهم في المجهود الضريبي الوطني، مع تخفيف العبء الضريبي على الشركات الصغرى التي تقل أرباحها عن مليوني درهم والتي تشكل الغالبية العظمى للشركات نظرا لمساهمتها في خلق مناصب الشغل. كما أنه لا ينبغي التعامل مع الشركات الصغرى جدا والصغرى والمتوسطة من جهة والشركات الكبرى من جهة أخرى بنفس المنطق الضريبي، من أجل ترسيخ مبدأ العدالة الضريبية في إطار الدولة الاجتماعية المفترضة.
- إعفاء المتقاعدين من جميع أنواع الضرائب، من أجل تحسين القدرة الشرائية للمتقاعدين، وكذا تكريس مبدأ التضامن بين الأجيال.
- التعديل المقترح من طرف الحكومة لتغريم رقم المعاملات الذي يفوق 50.000 درهم مع زبون واحد، فيه حيف كبير للمقاولين الذاتيين الذين لا خيار لهم إلا الاشتغال مع زبون واحد. كما أنه لا يمكن معاقبة الحلقة الأضعف (المقاول الذاتي)، وغض الطرف على تهرب الشركات الكبرى من مسؤولياتها الاجتماعية وعجز المسؤولين عن إيجاد مقاربة ناجعة للتصدي للغش الضريبي.