تأثير الحرب الأوكرانية على الداخل الروسي
◆ رضى عادل
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه الأخير أن روسيا تمكنت من “السيطرة” على التضخم بعد أن أظهرت البيانات عدم وجوده لمدة شهر تقريبا، في حين أن الأسعار ظلت مستقرة، قد تبدو هاته الأخبار جيدة لكن بعض المحللين ينحون اتجاه تدقيق الأرقام لأن الواقع مقلق.
ماذا حدث؟
قالت دائرة الإحصاء الروسية أنه بالفعل يوجد انكماش اقتصادي طفيف، ويأتي هذا التحول نحو الانكماش بعد صدمة التضخم التي سببتها العقوبات الغربية والمخاوف بشأن عدم توفر السلع الرئيسية، وهي حالة نفسية أدت إلى الذعر في الشراء في أعقاب العمليات الخاصة في أوكرانيا، حيث ارتفع التضخم الشهري في روسيا إلى أعلى مستوى في 20 عاما عند وصل إلى حاجز 7.61 بالمئة.
ماذا يعني ذلك بالنسبة للاقتصاد الروسي؟
يتفق الاقتصاديون على أنه إذا استمر الانكماش، فيجب أن يُنظر إليه على أنه علامة على الأوضاع السيئة القادمة. فأكاديميا يعتبر الانكماش علامة على انخفاض الطلب في الاقتصاد، مما يعني أن الركود لفترة طويلة من المحتمل أن يلوح في الأفق.
إن تصريحات بوتين في الواقع تبين أنه يحاول إقناع الجمهور بفكرة أن التكنوقراط الاقتصاديين سيفعلون خطة اقتصادية وبرنامجا للاحتياطات يمنع ارتفاع أسعار المواد الأساسية، لكن المحلل نيك تريكيت صرح لصحيفة موسكو تايم: “إن الاقتصاد يزداد سوءًا”.
ماذا يعني ذلك للمستهلكين؟
إن مستويات الانكماش تحمل أخبارا غير جيدة للمستهلكين الروس، حيث تكون مؤشرا على نسب للبطالة أعلى من تلك التي تشير إليها الأرقام الرسمية. في ذات الاتجاه قال تريكيت: “يمكن أن يكون الانكماش إيجابيا للمستهلكين الذين لا يزالون قادرين على شراء متطلباتهم، ولكن إذا كان هذا الانكماش نتيجة انحصار النشاط الاقتصادي الذي يجعل الناس يكسبون دخلا أقل، فإنه لا يشير إلى أي شيء إيجابي”.
ماذا يعني ذلك لتجار التقسيط؟
مع انخفاض الدخل واستمرار الطلب في الانخفاض، قد يتحرك تجار التقسيط والمصنعون الروس لخفض الأسعار على الرغم من أن هذا من غير المرجح أن يستمر.
يقول بيلينكايا: “من المرجح أن يتخذ تجار التقسيط والمصنعون قرارا بخفض الاستثمارات والإنتاج وعدد العمال. وهذا بدوره سيؤدي إلى انخفاض الدخل والطلب، هكذا تبدأ الأزمة الحلزونية “. فتجار التقسيط الروس معرضون للخطر بشكل خاص نظرا للصعوبات اللوجستية للتسليم. في ذات السياق قال تريكيت: “يشهد المنتجون والأشخاص الذين يبيعون للمستهلكين ارتفاعا في التكلفة وهو المقدار الذي ينقلونه إلى المستهلكين قصد تحمله في الأسعار”.
ماذا يحمل المستقبل؟
لا تزال التوقعات بشأن الاقتصاد الروسي متشائمة، خصوصا أذا استمر فرض المزيد من العقوبات الغربية ضد روسيا وسط حصار يتسبب في تراجع اقتصادي واضح.
وأمام تضارب الأرقام بين البيانات الاقتصادية الروسية، والمعطيات التي يتم تسويقها في الإعلام الغربي، تبقى أعين المواطنين الروس وكذا الأوربيين على التطورات الأخيرة للحرب بأوكرانيا، والرغبة الجامحة لعودة السلام والاستقرار للمنطقة، وكذا استرجاع الرخاء الاقتصادي. فالأكيد أن ما يتسرب من معلومات عن المفاوضات السرية بين روسيا وأمريكا يؤشر لا محالة أن عالم ما بعد هاته الحرب ليس كعالم ما قبلها.