الافتتاحية

مسارات تتوحد.. يسار يتجدد

افتتاحية العدد 340

تحت‭ ‬هذا‭ ‬الشعار‭ ‬البسيط‭ ‬مظهريا،‭ ‬والعميق‭ ‬الدلالة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬عقدت‭ ‬مكونات‭ ‬فيدرالية‭ ‬اليسار‭ ‬الديمقراطي‭ ‬مؤتمرها‭ ‬الاندماجي،‭ ‬أيام‭ ‬16و17و18‭ ‬دجنبر‭ ‬2022‭ ‬بالمركب‭ ‬الدولي‭ ‬للشباب‭ ‬ببوزنيقة،‭ ‬وهو‭ ‬المؤتمر‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬انتظاره،‭ ‬واستغرق‭ ‬توفير‭ ‬شروط‭ ‬انعقاده‭ ‬مدة‭ ‬غير‭ ‬قصيرة‭. ‬الملفت‭ ‬للانتباه،‭ ‬أن‭ ‬الجلسة‭ ‬الافتتاحية‭ ‬للمؤتمر‭ ‬عرفت‭ ‬حظورا‭ ‬قياسيا،‭ ‬وتزامن‭ ‬انعقادها‭ ‬مع‭ ‬خوض‭ ‬المنتخب‭ ‬المغربي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬بمونديال‭ ‬قطر،‭ ‬مبارة‭ ‬الترتيب‭ ‬مع‭ ‬المنتخب‭ ‬الكرواتي،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الحظور‭ ‬يتابع‭ ‬المبارة‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬عملاقة،‭ ‬قبل‭ ‬بداية‭ ‬الجلسة‭ ‬الافتتاحية‭. ‬هذا‭ ‬التزامن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مقصودا‭ ‬ولا‭ ‬متوقعا‭ ‬حينما‭ ‬قررت‭ ‬الهياة‭ ‬التقريرية‭ ‬للفيدرالية‭ ‬تاريخ‭ ‬عقد‭ ‬المؤتمر‭ ‬الاندماجي‭ ‬قبل‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭. ‬هي‭ ‬إذن‭ ‬الصدفة‭ ‬وحدها‭ ‬التي‭ ‬جمعت‭ ‬بين‭ ‬الحدثين،‭ ‬وهي‭ ‬صدفة‭ ‬جميلة،‭ ‬وفأل‭ ‬خير‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمؤتمر‭ ‬الاندماجي،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الإنجاز‭ ‬التاريخي‭ ‬وغير‭ ‬المسبوق‭ ‬للمنتخب‭ ‬المغربي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬بمونديال‭ ‬قطر،‭ ‬أعاد‭ ‬للشعب‭ ‬المغربي‭ ‬ثقته‭ ‬بنفسه‭ ‬وبشبابه‭ ‬وبالمستقبل،‭ ‬وجعله‭ ‬يتدفق‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬مرة‭ ‬بعفوية‭ ‬وحماس‭ ‬على‭ ‬الشوارع،‭ ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬فرح،‭ ‬لا‭ ‬تماثلها‭ ‬إلا‭ ‬لحظة‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬الاستقلال‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الخمسينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

الرهان‭ ‬الأساسي‭ ‬لمكونات‭ ‬الفيدرالية‭ ‬على‭ ‬المؤتمر‭ ‬الاندماجي،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬فاتحة‭ ‬عهد‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬الكفاحي‭ ‬لليسار‭ ‬المغربي،‭ ‬يتمكن‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬خلاله‭ ‬من‭ ‬استعادة‭ ‬مكانته‭ ‬التاريخية‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي،‭ ‬ويعيد‭ ‬المصداقية‭ ‬للعمل‭ ‬السياسي‭ ‬وللنضال‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬ويضع‭ ‬حدا‭ ‬لسلسلة‭ ‬الانقسامات‭ ‬والصراعات‭ ‬الثانوية‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬التقدمية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أجمعت‭ ‬عليه‭ ‬الكلمات‭ ‬المسجلة‭ ‬التي‭ ‬توصل‭ ‬بها‭ ‬المؤتمر‭ ‬من‭ ‬أحزاب‭ ‬يسارية‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬وتونس،‭ ‬ومصر،‭ ‬ولبنان،‭ ‬وسوريا،‭ ‬حيث‭ ‬اعتبرت‭ ‬انعقاد‭ ‬المؤتمر‭ ‬الاندماجي،‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬إنجازا‭ ‬هاما،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬دولي‭ ‬وجهوي‭ ‬ملتهب‭. ‬وأيضا،‭ ‬بالنظر‭ ‬لطبيعة‭ ‬المرحلة‭ ‬ومخاطرها،‭ ‬والتحديات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تطرحها‭ ‬على‭ ‬قوى‭ ‬اليسار‭ ‬لفتح‭ ‬باب‭ ‬أمل‭ ‬التغيير‭ ‬برافعة‭ ‬شباب‭ ‬ونساء‭ ‬الوطن،‭ ‬حيث‭ ‬يمثل‭ ‬توحيد‭ ‬اليسار‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الوسيلة‭ ‬المثلى‭ ‬للاضطلاع‭ ‬بالمهام‭ ‬النضالية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬ميزان‭ ‬القوى،‭ ‬وإيقاف‭ ‬التراجعات‭ ‬الحقوقية‭ ‬والديمقراطية،‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬التغيير‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الحقيقي،‭ ‬وبناء‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وإرساء‭ ‬دعائم‭ ‬المجتمع‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الاشتراكي،‭ ‬مجتمع‭ ‬الحرية‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والكرامة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وبالمساهمة‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬التحررية‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬جديد‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬والقوى،‭ ‬يضمن‭ ‬لكل‭ ‬الشعوب‭ ‬حقوقها،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬الذي‭ ‬لازال‭ ‬يقاوم‭ ‬أخبث‭ ‬استعمار‭ ‬استيطاني‭ ‬عنصري‭ ‬عرفه‭ ‬التاريخ‭. ‬إذن‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬مهامنا‭ ‬إذن‭ ‬مواصلة‭ ‬النضال‭ ‬لإسقاط‭ ‬التطبيع،‭ ‬ومساندة‭ ‬كفاح‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬استرجاع‭ ‬حقوقه‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬التحرير‭ ‬وعودة‭ ‬اللاجئين‭ ‬وبناء‭ ‬دولته‭ ‬الوطنية‭ ‬المستقلة‭ ‬بعاصمتها‭ ‬القدس‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى