الرباط عاصمة الأنوار، الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية
عبد الكريم وشاشا مكتب الطريق / الرباط
سبق للهيئة المحلية لفيدرالية اليسار الديمقراطي بالرباط يوم أن نظمت ندوة في موضوع: ” مشروع الرباط عاصمة الأنوار، الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية ” أطرها كل من المستشارين الجماعيين لفيدرالية اليسار بمجلس الرباط الأخوان عمر بلافريج وعمر الحياني ..
وبناء على المعطيات التي قدمها المستشاران الفيدراليان، يتبين أن هذا المشروع يندرج ضمن تنفيذ اتفاقية تم توقيعها في شهر ماي من سنة 2014 وتتعلق بالبرنامج المندمج للتنمية الحضرية لمدينة الرباط واذي تمت تسميته ب سمي ” الرباط مدينة الأنوار” بتكلفة إجمالية تبلغ 9 ملايير و425 مليون درهم، كلها من أموال عمومية (وزارات، مؤسسات عمومية وجماعات ترابية).
وفي معرض حديثهما عن تفاصيل هذا المشروع، سجل المستشاران عدة مؤاخذات على هذا البرنامج، يمكن اختزالها في أربعة عناوين كبرى:
حكامة ضعيفة: لم تتم مناقشة مضمون هذا البرنامج الذي رصدت له أموال طائلة، ولا توجهاته، من طرف المنتخبين الذين يمثلون السكان، حتى تنعكس تطلعاتهم وانتظاراتهم في البرنامج.. كما أنه لا علم لمستشاري مجلس مدينة الرباط بتفاصيل المشاريع المقررة، رغم الطلبات المتعددة التي وجهت لرئاسة مجلس المدينة وإلى شركة الرباط للتهيئة.. فقد عقدت جلسة بمجلس مدينة الرباط بتاريخ 17 فبراير 2017 خصصت لعرض عام قدمه المدير العام لشركة الرباط للتهيئة، وطرحت بها عشرات الأسئلة من طرف أعضاء المجلس، إلا أن رئيس مجلس المدينة، لم يسمح للمدير العام بالإجابة عن أسئلة المستشارين.. كما عقدت جلسة أخرى مع المدير العام في ماي 2018 ، تم فيها إجابات عن بعض التساؤلات المطروحة، غير أنها لم تكن إجابات دقيقة .
البرمجة: سجل مستشارا فيدرالية اليسار الديمقراطي كون برمجة أشغال جد مكلفة لا تكتسي أولوية بالنسبة للمدينة، مثل إعادة ترصيف أرصفة حي الرياض وحسان، في حين تفتقد أحياء بكاملها بمقاطعتي يعقوب المنصور واليوسفية لأرصفة تتوفر فيها شرود الجودة في حدودها الدنيا.. كما أن تنفيذ هذا البرنامج لم براع معايير السلامة الطرقية في تصميم الطرقات، مما أدى إلى ارتفاع السرعة المتوسطة للسيارات بوسط المدينة، وأدى إلى حوادث عديدة بالنسبة للراجلين على الخصوص، فضلا عن إنشاء مدارات عديدة دون أساس علمي، عوض الإشارات الضوئية، مما أدى إلى شدة الازدحام ببعض التقاطعات وإلزامية تواجد شرطي أثناء أوقات الذروة، كما لوحظ عدم استكمال أشغال التزفيت بكل أزقة بعض القطاعات، كما هو منصوص عليه في دفتر التحملات، وعدم وضع علامات التشوير الطرقي بعد إنهاء الأشغال.. وقد تمت تهيئة كثير من الفضاءات عبر الترامي على ملك مشترك خاص، باستعمال القوة العمومية رغم صدور حكم قضائي صريح ضد مصادرة هذه الملكية الخاصة لأجل المنفعة العامة. أما من حيث الانعكاسات البيئية الخطيرة فقد تم قطع أشجار يزيد عمرها عن 20 سنة مما ألحق ضررا كبيرا بالطابع الأخضر للمدينة، وهو ما سيحرم ساكنة المدينة من منافع الأشجار في تلطيف الحر والتخفيف من التلوث. وم جهة اخرى تم تسجيل قيام المسؤولين عن المشروع بزرع مساحات كبيرة من العشب الأخضر دون مراعاة ما يستلزمه ذلك من كميات كبيرة من مياه السقي، ما تم اللجوء إلى غرس أعداد كبيرة من أشجار النخيل في مختلف شوارع الرباط، رغم عدم ملاءمتها لمناخ مدينة الرباط.. أما على مستوى الإنارة فقد تم استبدال أعمدة الإنارة القديمة بأعمدة إنارة عادية عوض تلك المزودة بمصابيح اقتصادية، مما أدى إلى زيادة فاتورة الكهرباء لمجلس مدينة الرباط بأكثر من 40% في سنة واحدة.
التداعيات السلبية: كما أن التداعيات السلبية لهذا المشروع الضخم أدى مثلا إلى انهيار حائط لحماية أبي رقراق (دوار الدوم) بمقاطعة اليوسفية، أسابيع فقط بعد إنشائه من طرف الشركة وإلى تدمير جزء من سقاية عين أغبولة التي تعود إلى القرن 17 .. والأخطر من ذلك محاولة التهجير القسري لسكان دوار الكرعة إلى موقع جديد بعين عودة، عوض بناء عمارات إعادة الإسكان بعين المكان
صفقات البرنامج: منح العديد من صفقات الأشغال لشركات بعينها، اثنتان منهما مملوكتان لرئيسي جهة، وأخرى للإنارة العمومية مملوكة لوالي ووزير سابق..
والجذير بالذكر أن مستشاري فيدرالية اليسار الديمقراطي بمجلس مدينة الرباط قاموا بمراسلة المجلس الأعلى للحسابات في فبراير 2018 بشأن كل هذه الإختلالات، غير أنهم لم يتوصلوا بأي رد في الموضوع إلى حدود الساعة.