المسالة التربوية التعليمية

ذ. علي أشهبون

تتداخل مكونات المسالة التعليمية وتتشابك لدرجة يصعب معها الفصل بينها اللهم الا من أجل الدراسة والبحث والتمحيص.

وبقدر هذا التداخل والتشابك بقدر ما يكثر المتدخلون في هذا الشأن: السياسي، النقابي، الاقتصادي، الاجتماعي، التربوي، التعليمي،(تلاميذ، آباء، امهات، مدرسون، اداريون، مفتشون، باحثون، وزراء ، عموم الشعب……….) وهذا ما يجعل وجهات النظر تختلف وتتباين كل من منظوره، بل إنها في اغلب الاحيان تكون متناقضة ومتضاربة، وهو ما يجعل المنظومة لا تبرح مكانها ولا تتطور ولا تستفيد من تقدم العلوم والتقنيات، خصوصا أذا لم يولها المسؤولون حقها من الاهتمام من طرف ذوي الاختصاص. وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن سؤال التربية والتعليم هو شأن خاص بالتقنوقراط، بل هل هو شأن عام يتم التداول فيه بكل حرية وديمقراطية حسب مستويات هذا التداول، من التداول السياسي العام، الذي يحدد أي تربية وأي تعليم نريد؟ ولأية غايات وأهداف؟ وهو مستوى تحديد الملامح الكبرى للسياسة التعليمية بشكل ديمقراطي، تليه مستويات أقل عمومية، يعمل خلالها المتخصصون في قضايا التربية على ترجمة غايات التربية وأهدافها في مستويات أكثر دقة ( خبراء اللغة والابستمولوجيا والديداكتيك وعلم النفس وعلوم التربية وغيرها ).

اننا كمهتمين بتطوير هذا النقاش العمومي في الشان التربوي التعليمي، ومعنيين بالنضال من أجل مدرسة مغربية عمومية تساهم في تحقيق أهداف التنوير والتنمية وتحرر المجتمع والفرد، سنحاول أن نساهم، من خلال الملف التربوي، في إثارة النقاش واثرائه عبر تسليط الأضواء على المنظومة التربوية المغربية من الداخل، اي من خلال بسط وتحليل ومناقشة كل هذه المكونات: المدرسة، المنهاج، المدرس، المتعلم، الطرائق التربوية، التقويم، الدعم ……الخ اسهاما منا في ترسيخ ثقافة تربوية جادة وهادفة، خصوصا في ظل اختفاء التكوين الأساس ونذرة التكوين المستمر، وفي زمن التعاقد والتوظيف المباشر دون اي تكوين مهني وتكليف غير ذوي الاختصاص بدروس الدعم في غياب تام لمفهوم الدعم التربوي بمعناه الحقيقي والفاعل.

وقبل هذا وذاك لابد من التأكيد على الاعتراف بفشل منظومتنا التربوية من طرف كل الجهات الشيء الذي جعل المغرب يعتمد اكثر من 13 محاولة إصلاح باءت كلها بالفشل، مما يجعلنا نطرح اسئلة عريضة وكثيرة من مثل:

  • 1) هل هناك نية حقيقية في الاصلاح؟
  • 2) هل يعتمد الاصلاح على بحث حقيقي ودراسة ميدانية لتحديد ايجابيات المنظومة وسلبياتها؟
  • 3) هل يتم اختيار الموارد البشرية الكفءة والمتخصصة لذلك؟
  • 4) هل يعطى الوقت الكافي لمشاريع الاصلاح؟
  • 5) هل يتم التنزيل وفق التصور والرؤية الاصلية للاصلاح؟ ام تصل الرؤية الى ارض الواقع وقد تغير مضمونها؟
  • 6) هل يتم التنزيل وفق ظروف سليمة وفي آجال معقولة وباطر متخصصة؟

انها مجموعة من الاسئلة التي تطرح نفسها من اجل ضمان الحد الادنى من الشروط الضرورية لاي اصلاح؛ فلربما يكون الاصلاح جيدا ومناسبا ولكن محتواه ومغزاه يضيع في عدم توفير الظروف الملائمة لتنزيله، أو عن طريق تنزيله من طرف أناس لم يفهموا ولم يستوعبوا كنهه ومضمونه.

إن السياسة التعليمية تشكل الخيط الناظم لكل هذه الأسئلة وغيرها، وفيها يمكننا البحث عن أسباب تخلف التعليم، وانحطاط السياسة التعليمية المتبعة، وفيها يمكن فهم الأسئلة الحقيقية، وإدراك فخ أسئلة التمويه والتضليل، وفي مقدمتها النقاش الدائر حاليا حول لغات التدريس وتدريس اللغات في النظام التعليمي المغربي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى