د. محمد خفيفي – نائب الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم (الاتحاد المغربي للشغل) :
«الظرفية تفرض تكتلا نقابيا لمواجهة الردة الحكومية التي تسعى اليوم لتقزيم دور الحركة النقابية»
– الطريق: كيف تنظرون إلى سلسلة الاحتجاجات والإضرابات التي يعرفها قطاع التعليم ببلادنا اليوم ؟
= أولا تحية لكل الساهرين على انبعاث جريدة الطريق من جديد، وتحية لكل قراء هذا الصوت الإعلامي. بالفعل كما قلتم، هناك دينامية ملحوظة لسلسلة من الإضرابات في قطاع التعليم. ونحن في الجامعة الوطنية للتعليم ( الاتحاد المغربي للشغل)، نعتبر هذه الاحتجاجات والاضرابات والاعتصامات والمسيرات وحمل الشارة ومقاطعة المديريات ومقاطعة البريد الإلكتروني للمديريات كلها مظاهر تعبر عن شدة الاحتقان الذي يعرفه القطاع وعن سوء تدبيره وغياب الحكامة فيه وغياب إرادة حقيقية في حل مشاكله، كل الفئات المتضررة تخرج اليوم لتعبر عن غضبها واحتجاجها، ولا أعتقد أن هناك فئة لم تخرج في وقفات احتجاجية أمام وزارة التربية الوطنية. وعوض أن تلتقط الوزارة هذه الإشارات وتتفاعل معها إيجابيا بفتح حوار جاد يفضي لنتائج تنزع فتيل الاحتجاجات فهي متمادية في التماطل والتسويف ونهج سياسة صم الآذان كأنها غير معنية بذلك، وكأن أمر التعليم ومصير أبناء الشعب المغربي لا يعنيها، على امتداد سبع سنوات والحوار القطاعي معطل، اجتماعات شكلية وفارغة، توجه للاستهلاك الإعلامي المجاني، وكل الملفات لا زالت عالقة تنتظر .
كيف ننتظر من منظومة معطوبة على مستوى تدبير مواردها البشرية أن تنخرط في الإصلاح؟، منظومة يخرج فيها المديرون والمفتشون وموظفو السلم التاسع وضحايا النظامين والدكاترة والمساعدون الإداريون والتقنيون والمبرزون والملحقون التربويون والمقصيون من خارج الإطار وحملة الشواهد للاحتجاج…هذه هي مكونات القطاع، كلها غاضبة ورافضة للتدبير السلبي الذي يتجاهل مطالبها…إذن كل حديث عن الإصلاح خارج رد الاعتبار المادي والمعنوي للموارد البشرية فهو يراد به باطل …
– الطريق: على ذكر الإضرابات، وبارتباط مع الإضراب الأخير يوم 20 فبراير، لاحظ عدد من المتتبعين والمهتمين تحول قي موقف الجامعة الوطنية للتعليم وانفصالها عن تنسيق نقابي ثلاثي سابق إلى تنسيق خماسي… ما سر هذا التجول ؟
= صحيح ما أشرتم إليه، وهذا التحول على مستوى التنسيق النقابي كان طبيعيا وموضوعيا، بحيث استجبنا فيه لصوت قواعدنا التي تمسكت بالانخراط في إضراب 20 فبراير، وهذا معطى يعبر عن انفتاحنا الديمقراطي، فالتنسيق الأول كان محكوما بشروط لم تعد قائمة. بعد إضراب 3 يناير الوحدوي كانت خلاصتنا أنه لا مجال لمواجهة التعنت الحكومي وانحسار الحوار القطاعي إلا التشبث بالوحدة النقابية التي هي أولى مبادئنا الأساسية في الاتحاد المغربي للشغل. الظرفية تفرض تكتلا نقابيا لمواجهة الردة الحكومية التي تسعى اليوم لتقزيم دور الحركة النقابية وإقصائها على اعتبار أنها صوت مزعج وناظم لكل الحركات الاحتجاجية التي يعرفها قطاع التربية والتكوين.
– الطريق: عقدتم لقاء مع وزير التربية الوطنية يوم 25 فبراير الأخير.. هل لكم أن تطلعونا على نتائج هذا اللقاء؟
= لقد كان أملنا في الجامعة الوطنية للتعليم – الاتحاد المغربي للشغل – ومعنا كل مكونات الحركة النقابية التعليمية، أن يكون اللقاء حاسما في حل مجموعة من الملفات العالقة، وأن يدشن عهدا جديدا للانكباب على موضوعات مهمة تهم مصير أبناء الشعب المغربي، ولكن للأسف الشديد العرض الوزاري كان بئيسا وهزيلا لم يرق لانتظارات العاملين بالقطاع، ظل هذا العرض سجين المقترحات السالفة، لم يكن هناك اجتهاد يراعي ضرورة تجاوز الاحتقان القائم ويراعي مصلحة التلاميذ، فالعرض الوزاري، كما اطلع عليه العموم، لم يستجب لمقترحات النقابات التعليمية وهو ما جعلها تصدر بيانا خماسيا تعلن فيه رفضها لما قدم وتعلن انخراطها في كافة الأشكال النضالية التي تخوضها الفئات المتضررة. كنا ننتظر، على سبيل المثال، أن يتم طي ملف السلم التاسع وضحايا النظامين كملفين لديهما أولوية عن طريق ترقية استثنائية تعيد الاعتبار لهاتين الفئتين اللتين عاشتا الإقصاء والحيف، ولكن اقتراح الوزارة ظل حبيس الرؤية المحاسباتية الضيقة التي تعول على ربح الوقت
– الطريق: وماذا عن اشكالية التعاقد ؟
أولا أغتنم هذه المناسبة لنعبر عن تضامنا المطلق مع نضالات الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ونستنكر ما يتعرضون له اليوم من تهديد لإمضاء ملحقات العقد ، كما نستنكر أيضا إقدام الأكاديميات على إيقاف أجرة غير الموقعين عليه، وهو سلوك لن يزيد الأمور إلا تعقيدا، كما نعبر عن تضامنا مع هذه الفئة في البرنامج النضالي التصعيدي الذي اتخذته من أجل إسقاط التعاقد والمطالبة بالإدماج. لقد عبرنا، وفي أكثر من مناسبة، أن العمل بالعقدة كمظهر للهشاشة في التوظيف لا يستجيب اليوم لطموحنا في بناء منظومة قوية قادرة على مواجهة تحديات العصر الذي يعرف ثورة معرفية. التعاقد لا يوفر الاستقرار المادي والنفسي والمهني للأساتذة كما أنه لا يحقق المساواة بينهم وبين زملائهم العاملين معهم في نفس المؤسسة. في نظرنا لا حل سوى إدماج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد كمدخل رئيس لمعالجة الأعطاب الكبرى التي تعاني منها المنظومة
– الطريق: ما المداخل التي ترونها ضرورية لإصلاح التعليم؟
= لا يمكن في هذا الحيز الزمني القصير تشيخص الأعطاب والمعيقات التي يعاني منها القطاع . وأعتقد أن عددا من المؤسسات قامت بفضح الاختلالات الكبرى التي حالت دون أن يعرف القطاع سيره العادي، اختلالات كبرى وفساد ونهب على مستوى تنزيل البرنامج الاستعجالي وارتباك واضح اليوم على مستوى ربط العلاقة بين الوزارة والمجلس الأعلى للتعليم، وغياب إشراك حقيقي للفاعلين الأساسيين في القطاع، قطاع يدبر بعيدا عن أصحابه، والنتائج المرصودة تبين ذلك والمخارج مقلقة، بحيث أن الهدر المدرسي لا زال في أرقامه القياسية 279000 تلميذ يغادرون المدرسة سنويا، وكذلك مشكل تعميم التعليم الأولي واهتراء عدد من البنيات التحية، يضاف إلى ذلك ما أشرت إيه سابقا وهو عدم رد الاعتبار المادي والمعنوي للموارد البشرية…لذلك فإصلاح التعليم، في نظرنا، يتطلب إرادة سياسية واضحة معلنة، ينخرط فيها الجميع.