زراعة البطيخ الأحمر واستنزاف الفرشة المائية
صالح بقاس
اشتهرت زاكورة في السنوات الأخيرة بزراعة الدلاح( البطيخ الاحمر ) ويسوق دلاح زاكورة في جميع أنحاء المغرب وأوربا لأنه يدخل الأسواق مبكرا. والزراعة التسويقية للدلاح الزكوري دخيلة على هذه المنطقة شبه الصحراوية المعروفة بمحدودية مياهها الجوفية وندرة التساقطات .
وعند بداية هذه الزراعة تفاءل بعض الفلاحين والتجار خيرا بالزراعة الجديدة التي انتشرت بسرعة ودرت عليهم أرباحا طائلة لتعم أرجاء الإقليم: من الفايجة واوجكال وتغبالت وميرد ومزكيطة وتافراوت بتاكونيت وانكام، وتنافس المزارعون في إنشاء الضيعات باستصلاح الاراضي او كرائها وحفر الآبار «الصوندا» بطريقة عشوائية وخارج اية ضوابط قانونية ودخول المستثمرين وأصحاب المال من الإقطاعيين والانتهازيين الباحثين عن الربح السريع ؛ ليسود الاستياء من زراعتها معظم السكان بعد أن ظهرت مساوئها وخطرها المحقق على حياتهم وقفزت المساحة المزروعة بالدلاح والتي كانت لا تتعدى 24 هكتار فقط سنة 2007 إلى حوالي 25 الف هكتار سنة 2018 !! وهي مساحة توازي المساحة الإجمالية لواحات وادي درعة المسقية..وحسب مشتل البطيخ الأحمر باكادير فان مبيعاته لمزارعي إقليم زاكورة تجاوزت 8 ملايين شتلة من الدلاح ..ويحتاج الهكتار الواحد إلى 3000 شتلة يتسابق المزارعون الى اقتنائها خلال شهري نونبر ودجنبر .
وفي غياب أي تخطيط وغياب تدخل المسؤولين على جميع المستويات كوكالة الحوض المائي لدرعة واد نون أو لعمالة الإقليم أوالمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي أو لأصحاب مقولة المغرب الأخضر ولا حتى للمنتخبين، استفحل خطر هذه الزراعة التسويقية العشوائية المستنزفة للمخزون الشحيح من المياه. فأصبح سكان إقليم زاكورة مهددين بالعطش ومهددين في بيئتهم وحتى في وجودهم في هذه المناطق على المدى القريب، ويخشى سكان زاكورة وهوامشها كالفائجة وحوض المعيدر من ان يكون مصير المياه الجوفية لزاكورة كمصير مياه سبت الكردان بسوس والبيار بكلميم وغليل بتنغير والبور بالرشيدية. إن الفرشة المائية الجوفية في خطر داهم ، تنضب بشكل مطرد وبسرعة مما يستدعي وجوب التدخل السريع واتخاذ الإجراءات الضرورية والعاجلة لانقاذ ما يمكن إنقاذه والإبقاء على الأقل على مياه الشرب للحيلولة دون هجرة السكان الجماعية التي يتهددها العطش وذلك قبل فوات الأوان خصوصا مع توالي سنوات الجفاف وانحباس الأمطار. وللتذكير فان الخبراء مافتئوا يحذرون من كون حوض درعة لا يتوفر على فرشة مائية باطنية يمكنها تحمل هذا الاستنزاف وان هذا الاستنزاف العشوائي من شأنه التسريع في تصحر المنطقة وخراب الواحات وهجرة الساكنة إلى مدن الشمال. وللتدليل على ذلك فقد كانت الفرشة المائية سنة 2007 على عمق لا يتعدى 4 الى 5 امتار بالفائجة بضاحية مدينة زاكورة التي تزود المدينة بمياه الشرب، لينحدر الى عمق 140 متر في سنة 2018 بمعدل انخفاض سنوي ب 12 متر وسبق لوكالة الحوض المائي لدرعة واد نون أن أكدت أن ما يضخ من هذه الفرشة في الفايجة يقدر ب 10 مليون متر مكعب سنويا الشيء الذي يستنزف احتياطي ملايين السنين وهذا ما جعلنا دوما ندق ناقوس الخطر ونحذر المسؤولين من الخطر الداهم الذي أصبح يهدد السكان في وجودهم .
لذا نطالب المسؤولين بالعمل على إنقاذ زاكورة وواحتها من النتائج الكارثية لزراعة البطيخ الاحمر التي أتت، وفي زمن قياسي ، على الفرشة المائية الضعيفة أصلا و التي ليست لنا وحدنا ولكن وجب أيضا أن نحافظ عليها للأجيال القادمة في إطار التنمية المستدامة .
فهل يجد نداءنا هذه المرة آذانا صاغية!!؟؟