مؤهلات طبيعية مهمة يطالها الإهمال والتهميش
محمد المصدياني: باحث في ثراث وتاريخ المنطقة.
تعتبر مدينة زاكورة عاصمة الإقليم وحاضرة درعة الوسطى، يخترقها أطول نهر في المغرب وهو نهر درعة الذي يبلغ طوله 1200 كلم والذي ينبع من الأطلس الكبير ويصب في المحيط الأطلسي.
أحدث اقليم زاكوزة بعد تقسيم إقليم ورزازات سنة 1997. كان الإقليم ينتمي عند نشأته الى جهة مراكش، ثم بعد ذلك أصبح تابعا لجهة سوس ماسة درعة، وفي التقسيم الجهوي الأخير أصبح جزءا من جهة درعة تافيلالت والتي تتكون من أقاليم هي الراشيدية وميدلت وتينغير وورزازات وزاكورة.
إن تشابه درعة وتافيلالت من حيث المعطيات البشرية والجغرافية والتاريخ المشترك للمنطقتين يجعل منهما في الحقيقة جهة متجانسة، غير أن هامشيتها وقساوة ظروفها الطبيعية والنظرة التقليدية النمطية والعوامل البشرية غير المساعدة جعلتها تصنف ضمن الجهات الفقيرة على الرغم من غناها بمواردها الطبيعية ومقدراتها التاريخية والبشرية التي لا يستهان بها والتي تؤهلها –لو أحسن استغلالها- لأن تكون من الجهات الغنية ولكانت منطقة جذب للسكان وللاستثمارات بدل أن تكون منطقة طرد وهجرة نحو مدن الشمال ..
يقع إقليم زاكورة بالجنوب الشرقي لبلادنا، يحده شمالا إقليم تنغير ومن الشمال الغربي إقليم ورزازات ومن الشرق إقليم الراشيدية ومن الغرب إقليم طاطا ومن الجنوب الحدود الجزائرية حيث وقعت حرب الرمال سنة 1963 عند حاسي بيضاء.
ويمتد الإقليم على مساحة 23 ألف كلم مربع، ويقطنه أكثر من 284 ألف نسمة، اغلب سكانه قرويون مزارعون بالواحات الدرعية الجميلة أو رحل أو أنصاف رحل يتنقلون بمواشيهم على الهوامش وهم في انقراض حيث اضطرتهم سنوات الجفاف المتوالية إلى الاستقرار داخل الواحات حيث الاعتماد على الزراعة السقوية وتربية الماشية بدلا من الرعي، ولا يشكل السكان الحضريون بالإقليم إلا حوالي 43 ألف نسمة يتمركزون بعاصمة الاقليم زاكورة وإكدز حاضرة مزكيطة ويمثلون حوالي 15% من سكان الإقليم.
بعدما وصل الفرنسيون في بداية الثلاثينيات من القرن العشرين إلى درعة الوسطى عملوا على إنشاء ثكنة عسكرية بمدينة زاكورة قرب زاوية البركة وبلدة تنسيطة عند سفح جبل زاكورة اوتازاكورت كما وردت عند المؤرخين .. وبجبل زاكورة مآثر تاريخية مازالت ماثلة إلى يومنا وبلدة تنسيطة كانت عاصمة لإمارة المزواريين التي ذكرها الحسن الوزان (ليون الإفريقي) عند زيارته لدرعة في القرن 15 قبيل ظهور السعديين.
وللإشارة فقد كانت زاكورة في بدايتها – كما سبقت الإشارة- ثكنة عسكرية أقامها المستعمر الفرنسي في موقع استراتيجي هام بعد أن تعرض لهجوم المقاومين بالثكنة الأولى التي أقامها قرب «اسكجور» في منبسط من الأرض عند سفح جبل أنكام مما جعلها هدفا سهلا لنيران المقاومين من أيت خباش الذين تحصنوا بجبل أنكام وهاجموا الثكنة مما اضطر الفرنسيين إلى اختيار الموقع الحالي لبناء مركز للمحتل الفرنسي لحكم درعة الوسطى .. وقد أنشئ هذا المركز في اوائل يناير سنة 1932 وكان النواة الأولى لمدينة زاكورة، وكان الحاكم الأول لدرعة الفرنسي سبيلمان الذي ألف عدة كتب في تاريخ المنطقة، ظلت زاكورة تابعة لإقليم ورزازات منذ نشأتها وحتى سنة 1997. وتشكل الدائرة الثالثة من دوائر ورزازات وكانت تتكون آنذاك من 5 قيادات هي زاكورة وأكدز وتازرين وتاكونيت ومحاميد الغزلان.
موقع زاكورة الاستراتيجي على سفح جبل شامخ مطل عليها وعلى واحتي ترناتة وفزواطة ومرور نهر درعة وسط المدينة ليقسمها قسمين، غربي وشرقي ووجود واحات النخيل الباسق، وغير بعيد من مدينة زاكورة هناك مناظر فاتنة وآثار تاريخية تشكل تراثا إنسانيا ماديا تجب العناية به.. بالإضافة إلى ثراء المنطقة بتراث لا مادي ثري ومتنوع.
يخترق نهر درعة واحات النخيل الست المكونة لوادي درعة حيث أشجار النخيل وزراعات تحت شجرية متنوعة تتوسطها وعلى جوانبها قصور وقصبات بدأت «تنفجر» على حد وصف الأنتروبولوجي المغربي عبد الله حمودي ويتداعى بنيانها المرصوص ويغادرها سكانها ليستبدلوا بها مساكن عصرية لا تتلاءم والظروف الطبيعية للمنطقة … ومن أهم واحات الإقليم من العالية الى السافلة: مزكيطة، تينزولين، ترناتة، فزواطة، لكتاوة، محاميد الغزلان. بالإضافة الى منبسطات وواحات على الهامش كمنبسطات تزارين وواحات النقوب والكلوع وبوربيعة.