اللغة في المدرسة: مأزق النظام التعليمي
محمد تيكونسى
يبدو أن نقاش لغة أو لغات التدريس بأي دولة، هو نقاش مشروع، وقد يتسامى، في لحظته السياسية عن النقاش التربوي، فلكل دولة وشعب أن يقرر بشكل حر في اللغة التي يرتضيها لمدرسته، غير أنه بعد ذلك يتوجب عليه توفير الشروط والموارد الضرورية لإعمال هذه اللغة أو اللغات في النظام التعليمي، وسن سياسات من شأنها الارتقاء بهذه اللغة، وضمان فعاليتها، وأساسا ضمان الحياة الفعالة لهذه اللغة اقتصاديا واجتماعيا، في كافة مناحي الحياة في المجتمع، ومن جهة أخرى ضمان التفاعل والمواكبة لباقي اللغات والعلوم ..
إن النقاش المطروح حول لغة تدريس العلوم بالمدرسة المغربية كما ورد في مشروع القانون الإطار، يخفي في الواقع أزمة بنيوية للنظام التعليمي المغربي، وضعف مخرجاته في التفاعل مع اللغات والعلوم و”لغاتها”. كما أنه يخفي أسئلة أخرى لم يجر الجواب عنها بشكل علمي، وموضوعي، تمكن المواطنين من التملك الفعلي لمشكلة لغة التدريس وتدريس اللغات وبالتالي المساهمة الفاعلة في تطوير هذا النقاش بما يحقق التحرر لشعبنا.
أول هذه الأسئلة، هو عن لغة التدريس بالجامعة، لماذا الفرنسية بالذات، إذا كان أغلب الأساتذة الجامعيين، وأغلب الأطروحات في مجالات العلوم والتقنيات، تستند إلى مراجع بالإنجليزية، فلماذا التمسك باللغة الفرنسية كأنها خيار وحيد ولا مفر منه؟. الواقع أن أول ملامح الإصلاح الحقيقي في مجال لغات التدريس يجب أن ينطلق من الجامعة.
من جهة أخرى، فإن اللغة الرائجة في مختلف أقسام التعليم المدرسي، كلغة “رسمية ” للتدريس هي بالذات الدارجة المغربية وليست لا العربية ولا الفرنسية. وهي ممارسة صارت منهجية، بعد فشل سياسة التعريب، نظرا لتكليف أساتذة بتكوين فرنسي بتدريس الرياضيات والعلوم باللغة العربية. أما اليوم فقد صار عدد هام من الأساتذة لا يجيدون سوى الدارجة كلغة وحيدة للتدريس.
لماذا لا يجيد أبناؤنا اللغة الفرنسية، وحتى اللغة العربية في أحيان كثيرة؟ لا يجيد تلميذ ما بعد الباكالوريا اللغتين الأساسيتين في المدرسة، علما أنه تلقى تعليمه المدرسي لمدة 10 إلى 12 سنة بهما. ما ذا يعني ذلك؟ يعني ذلك باختصار أن هناك خللا عميقا في السياسة اللغوية للمدرسة المغربية، إن وجدت مثل هذه السياسة أصلا…