فنون ومنوعات

رحيل المفكر السوري الكبير طيب تيزيني

◆ محمد إيعزة

وُلد‭ ‬الراحل‭ ‬د‭.‬طيب‭ ‬تيزيني‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬حمص‭ ‬بسوريا‭ ‬عام‭ ‬1934م،‭ ‬وقد‭ ‬تلقى‭ ‬فيها‭ ‬تعليمه‭ ‬الابتدائي‭ ‬والإعدادي‭ ‬والثانوي،‭ ‬ليتجه‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تركيا‭ ‬الدولة‭ ‬المجاورة‭ ‬ليبدأ‭ ‬مشوار‭ ‬دراسته‭ ‬للفلسفة،‭ ‬ثم‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬بريطانيا‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬ألمانيا‭ ‬لينهي‭ ‬دراسته‭ ‬بحصوله‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬الدكتوراة‭ ‬في‭ ‬الفلسفة‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬ثم‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬الدكتوراة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الفلسفية‭ ‬عام‭ ‬1973‭.‬عاد‭ ‬تيزيني‭ ‬لسوريا‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ليعمل‭ ‬في‭ ‬التدريس‭ ‬بجامعة‭ ‬دمشق‭ ‬وشغل‭ ‬وظيفة‭ ‬أستاذ‭ ‬في‭ ‬الفلسفة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬كونه‭ ‬فيلسوفا‭ ‬وباحثا‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لتيزيني‭ ‬تجربة‭ ‬حزبية‭ ‬في‭ ‬شبابه‭ ‬لم‭ ‬تستمر‭ ‬طويلا،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬وبحسب‭ ‬تصريحاته‭ ‬أفادته‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬نشاطه‭ ‬السياسي‭ ‬لاحقا‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نما‭ ‬دوره‭ ‬الحقوقي‭ ‬حيث‭ ‬ساهم‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬المنظمة‭ ‬السورية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ “‬سواسية‭”‬،‭ ‬وشغل‭ ‬منصب‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارتها‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬عرضته‭ ‬للاعتقال‭ ‬السياسي‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭.‬

وتكتسب‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الحزبية‭ ‬أهميتها‭ ‬بالنسبة‭ ‬لتيزيني‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬تجربة‭ ‬يسارية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ساهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تشكيله‭ ‬وتكوينه‭ ‬الفكري‭ ‬حيث‭ ‬استخدم‭ ‬النظريات‭ ‬الماركسية‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬القرآن‭!! ‬يقول‭ ‬تيزيني‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬التجرية‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬صحيفة‭ ‬الراية‭ ‬القطرية‭: “‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬هنالك‭ ‬بعض‭ ‬الجذور‭ ‬التي‭ ‬تشدني‭ ‬إلى‭ ‬السياسة‭ ‬فكراً‭ ‬وممارسة‭ ‬فلقد‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحزاب‭ ‬اليسارية‭ ‬التي‭ ‬نشأت‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬لفترة‭ ‬زمنية،‭ ‬كنت‭ ‬بعدها‭ ‬أعود‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬الفكري‭ ‬خصوصاً‭ ‬بصيغة‭ ‬الفكر‭ ‬السياسي،‭ ‬لذلك‭ ‬فالتجارب‭ ‬التي‭ ‬عشتها‭ ‬في‭ ‬أحزاب‭ ‬سياسية‭ ‬معينة‭ ‬كانت‭ ‬تقدم‭ ‬لي‭ ‬تجربة‭ ‬عميقة‭ ‬سعيت‭ ‬وأسعى‭ ‬إلى‭ ‬التنظير‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الفكر‭ ‬السياسي‭ ‬العربي‭. ‬وقد‭ ‬تعمق‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬لديّ‭ ‬حين‭ ‬لاحظت‭ ‬ضرورة‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الفكر‭ ‬السياسي‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬العموم‭ ‬فكتبت‭ ‬مثلاً‭ ‬بعض‭ ‬كتاباتي‭ ‬التي‭ ‬امتزجت‭ ‬باهتمام‭ ‬عميق‭ ‬بالسياسة‭ ‬وبالفكر‭ ‬السياسي‭”.‬

وكالعادة‭ ‬مع‭ ‬أغلب‭ ‬الكتاب‭ ‬العلمانيين‭ ‬كانت‭ ‬أفكار‭ ‬وآراء‭ ‬تيزيني‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تلتفت‭ ‬إليه‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والفلسفية‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬حتى‭ ‬برز‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرهم‭ ‬كأحد‭ ‬أهم‭ ‬الفلاسفة‭ ‬العرب‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬اختارته‭ ‬مؤسسة‭ ‬Concordia‭ ‬الفلسفية‭ ‬الألمانية‭ – ‬الفرنسية‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬فيلسوف‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬للقرن‭ ‬العشرين‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى