قصة قصيرة – إيزابيلا
عبد المجيد طعام
دون سابق إنذار أعلن هدير محركات السيارات الرسمية أن السيد الوزير قد وصل … اعتلى المنصة المزينة بالورود وقنينات ماء مقاطع وصاح في الجمع ” جمعناكم اليوم هنا في هذا المكان المبارك أين تصلون صلاة الاستسقاء كلما انحبس عليكم الغيث لنمنحكم غيثا من نوع آخر يخرجكم من فقركم ويسبغ عليكم الكثير من النعم ويعلمكم أصول الوطنية الحقة… ”
كان الوزير يحدث الجمع الغفير عن مشاريع التنمية والبراق والترامواي والأوراش الكبرى والديمقراطية التشاركية وعن أشياء كثيرة غير مفهومة قبل أن يختم حديثه ويقفل راجعا إلى عاصمة الأنوار قال لهم :” اليوم جينا عندكم باش نعطيو معزة وحدة لكل مواطن.. هاذ المعيز جبناهم من اسبانيا كل وحدة عندها سميتها ودفتر التلقيحات والباسبور ديالها …. ها ودني منكم شي وحدة تفكر تحرگ بالباسبور ديال المعزة !!!! … خاصكم تتهلاو فالمعزات أكثر من ولادكم… توكلوهم مزيان وتغسلو ليهم كل سيمنا .. إيلا مرضت شي معزة تاخذوها بالزربة للصبيطار .. هاذ المعيز راه عندهم الجنسية سبليونية مازال ما رجعوا مغربيات والحكومة تحذركم…عندكم ديرو لينا شي أزمة مع الجارة إسبانيا…. محدهم سبوليونيات غادي يعطيوكم لحليب بزاف .. شربوا وبيعوا وتمتعوا … انتم انتخبتونا باش نمتعوكم وراحنا تنمتعوكم…والله حتى حاسدينكم علينا وحاسدينا على خير بلدنا !!!! ردوا البال!!!! ”
استلمت مي الباتول معزتها “إيزابيلا” من يد المقدم “المگردڤ ” إلا أنها لم تستطع أن تنظر في عينيها .. أحست بدونية مخجلة أمام جمال المعزة وحيويتها وأوراقها الكثيرة التي تثبت هويتها وأصلها وفصلها وتجعل منها معزة اسبانية تتمتع بحقوق كثيرة … إيه مي الباتول مسكينة لم تحصل بعد على أوراق ثبوت الزوجية من زوجها المتوفى في سندريات مدينة الفحم والفقر لا زالت تناضل من أجل استصدار الوثائق التي تثبت هويتها وهوية أولادها حتى يتمكنوا من ولوج المدرسة شأنها في ذلك شأن جل سكان الدوار… …
في لحظة يأس قاسية تمنت مي الباتول لو تتحول إلى معزة سبليونية ويتحول أبناؤها إلى “جديان” ينعمون بحقوق المعز هناك وراء البحر …
حينما وصلت إلى مسكنها المنسي بين المساكن المنسية أدخلت مي الباتول “إيزابيلا” إلى الحجرة وأمرت أبناءها بنقل فراشهم إلى خم الدجاج لقد أصبح فارغا بعد توالي سنوات الجفاف والجوع.