هُوَ حُلُمي، نَفَقُ الْخَلاص

" رُؤيةُ النفسِ أعظمُ حِجابٍ. " * الإمام أبو القاسم القُشَيْري

لَعَلِّي أَستسْلمُ في رَتابةِ مِياهٍ رَاكِدَهْ

سُلطانا على الخُمولِ، رَخيما أَغْدو

ولا أُنْهِكُ غيرَ راحةٍ غريبهْ

فحِضْنُ السَّرْخَسِ شَرٌّ لِمِثْلي، وَكَآبَهْ

وفُضولُ الْحَشائِشِ لَغْوٌ لِمِثْلي، ونَدامَهْ.

لَعلِّي فَخٌّ نُصِب لِلْبَسْمةِ و لِضوءِ الْقمرْ

أُنيرُ ضَيْقاً، وأَسْبي كائناتِ المطرْ

فالفَرحُ عندي سرابٌ وناصيةٌ ذَبِلهْ

بِنُجومٍ لا يُدرِكُ ليلُها صباحا

إلًّا لِحوار وُجوهٍ نَتِنَهْ.

 

*****

 

أنا الغُرفُ الْمُظلمةُ وسريرُ الأحزان

أنا الانتظارُ الخِصبُ، لا يُولِّدُ غيرَ الْوجَعِ

مُطَوًّقاً بشُبْهَةِ الحُلُم الْورديِّ، أنا

ومُعتًّقا بِسِيَر الشهداء

ما بِي جُنونٌ ولا رَهْبةٌ غيرُ خَرَسٍ

يكفي صُراخي يوم السفر الكبيرْ.

إحترفْتُ حُمْقا كَآدمِيٍّ … أنا

وانْشغلتُ بأرضٍ ما عَزَقَتْ تُرْبَهَا

سِوى أَمْداءُ الطُلاءِ !!

 

*****

 

يكفي أن يهتمَّ بي شَكٌّ، يُساوِرُني

يَكفينِي زَيْفي … وزيفُ فَوْضايَ

لِأُومِنَ بِوَحْي البشرْ،

فكلُّ الْوُجوهِ إليًّ قادمةٌ مِنْ نَسْيٍ عميق

تُشاطرني حُلمي،

وتَسْخَرُ منْ عُيوني إذْ أَبوحُ !!

 

*****

 

هُنا عُذْري … هنا مَكْري … هنا وَكْري …

هنا ذِكْري

أَسْتُر بَلادَتي عنْ سماءٍ مُشْرَعَه

وأزُفُّ الْخبرَ- خَبَري

إلى مَطرٍ يَرزقُني عَنْدًا جميلا كالْجبل.

فأنا أفهم الضًّبابَ حين يَسْجُو

وأَعِي نبْضَ الْماءِ حين يَرْغُو

وألْعنُ الْهمْسَ حين يُومِئُ

بِسِرِّ إنْجابِ تُفَّاحهْ !!

 

*****

 

لِي في الرمل شَقائقُ وَارفَهْ

ولي في الْبحر لَوْحٌ صغيرٌ

مَذْعورٌ مِن هزيمةِ مَوجٍ على الصخر …

لي عند باب الانتظار رُؤْيا وقِصَصٌ

لي بيْنَ حاجاتِ صَدري

موقدُ نارٍ وحَطب.

ولي في التُّربِ المُحَنَّطِ رائحةٌ،

عشِقْتُ بها منذ ذاك الْجِسْر

منذُ الخُروجْ،

عَليهِ صُرًّتِ الْأنفاسُ الْمُتنبِّئةُ بالدَّمارْ .

 

*****

 

ما مَنحْتُ فَقْري أَحَدًا

وما سِرْتُ إلّا مكشوفا بين القُلوب

تَسحقُني الذكرى و أنا أَجُرُّ العُمُرَ

أوْ أجْنَحُ لِطاعةٍ،

أو أَمْرُقُ بين طَقْطقةِ النَّرجِس

وخَمائِرِ الْعَوْسَج.

 

*****

 

مَنْ أَدْماهُ إِسمي

لِيَرْجُمْ صُورَتي بِشَتْلَةِ حَبَقٍ

فأنا لا أخشى غيْرَهُ

ولا تَعْويذَةَ أرْهبُ إِلَّاهُ.

ومَنْ أَقْلقَهُ حُلُمِي

لِيُلْهِبْ عَقليَ سَرايَا مِنَ الْعَتَهِ

فأنا لا أُفيضُ في ذِكرَى

إلَّا اتِّقَاءً لِغريزَة الإِخْرَاصْ …

هو حُلُمي، نَفَقُ الْخَلاصِ

عَطَبُ الْحُدودِ … وقارَّةُ الْقَصيدْ.

 

*****

 

أقْحِمُوني إذًا أَوْهامَ الْعَناكِبِ

وغَلِّقُوا دُونِي أبوابَها

هي بُيوتٌ وَهِنَهْ

وسماواتي هدْمٌ لَها،

فأنا الْحُرُّ … أَسْخًطُ لأرضٍ مُزْهرةٍ

لكنْ مُسيَّجَهْ …

ولا تَثورْ !!

أَرثِي لِسدودٍ تَكشفُ قَعرَها

لأول قادمٍ، ولا تُبْديهِ هزائمَ

مَنْ فَكَّرَ قبلَه بالْغَوْص !!

فأنا الريحُ شاهرةً صَفيرَها

لا تَعبَأُ … أَنِعَماً تُرْخي أمِ الشُّرورْ ؟!

 

****

 

ما تَغْشانِي حقيقةُ صُبحٍ مُبَكِّرٍ

ولا كثافةُ سَحائبَ في السماء

أو غَمْضةُ قلوبٍ في شوارعَ غَطيسَهْ

لَا ولَا انْسِحاقُ شِفاهٍ

عَرَّتْ عنِ الْعَطبِ الْأَعْظمِ،

فَلِلْأَصْباحِ تنَفُّسُ الْحقيقهْ

لِلغيمِ مواعيدُ لا تُخْلَفْ

للقلوب عناءُ وطنٍ مَسروقْ

وللشفاهِ رَحيقُ الطفولهْ.

 

*****

 

قدْ أَخرُسُ زمنا

عَلِّي أتَسيَّدُ نفسي

وأختارُ لها عارَهَا

قدْ أحْفظُ لِلجرح ذكرى غيرُ آفلهْ

وأمْشي قُربَ نارِها

وقد أَلِجُ الُعُرْيَ – وحيدا –

علَّ نفسيَ أُشْهِد !!

فَعَنْها تَفيضُ حُجَجٌ

وتُزِيحُ ضَيقِيَ بالْوَرْدِ

إذَّاكَ تَرْمِي فَوْضايَ بِالْحُدودِ النّاعِمهْ

شعر : جواد المومني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى