الثقافة والمثقف في مغرب اليوم

الكاتبة لطيفة باقا في حوار مع «الطريق» : هناك صنفان من المثقفين: صنف يستظل بظل السلطة، وصنف آخر قريب من حرارة الشمس والغبار وقضايا الناس...

 

منذ 2011 إلى اليوم والمغرب يعرف تأرجحا سياسيا واحتقانا اجتماعيا في الكثير من المناطق، في نظرك، أين يتموقع المثقف اليوم من هذا الصراع؟ ما حدود سلطته؟ وما دوره التاريخي تجاه كل المتغيرات التي تجري من حوله؟

ينبغي الحديث عن صنفين اثنين من المثقفين، صنف يستظل بظل السلطة، وصنف خارج المظلة، قريبٌ من حرارة الشمس والغبار وقضايا الناس… وهناك طبعا العدميون. نحن نعرف كيف نجحت السلطة في قص أظافر الفكر. بالنسبة لي؛ الموقع الانسب للكاتب هو الموقع المحاذي للهامش. علاقة السياسي بالثقافي كانت في غالب الاحيان زواج متعة، لم يكن أبدا زواجا سعيدا، وما تولد عنه كان بالضرورة أبناء غير شرعيين. فالسياسي لطالما “استعمل” المثقف في حمى بحثه عن المشروعية والمصداقية، والمثقف لطالما قايض استقلاليته مقابل ريع أو امتياز عابر.

• أنت من المغربيات اللائي يتوجسن من قضية حضور المرأة في المشهد السياسي المغربي، وحتى بحثك لنيل شهادة الإجازة في علم الاجتماع كان حول هذا الموضوع بالتحديد سنة 1990 – ولو من زاوية صورتها في الخطاب السياسة – كيف تنظرين إلى الموضوع اليوم؟
سبق لي أن أجريت بحثا جامعيا لنيل الاجازة وكان في موضوع “صورة المرأة في الخطاب السياسي العام”، وأتذكر أنني استنتجت في نهاية البحث، حقيقة مؤسفة مفادها أن القضايا المرتبطة بالجندر داخل برامج الاحزاب، معطلة كليا أو جزئيا، ويتم التعامل معها بمنطق الأولويات. حاليا يتطلب الموضوع، مقاربة مختلفة بحيث لا يكفي أن نقف عند البرامج والتصورات والأدبيات الحزبية، بل علينا أن نسائل وضع المرأة بشكل عام داخل الاحزاب وداخل البرلمان وباقي مواقع القرار .
• انتحرت فرجينيا وولف بعد أن نزلت مثقلة بالحجارة إلى قاع النهر، هل نهايتها المأساوية هاته ألهمتك كامرأة عربية؟ أم تجدين فيها بعضا من خلاصك الذي لا تستطيعين الوصول إليه؟
الكتابة خلاص مؤقت في انتظار الخلاص النهائي. فرجينيا وولف قذفت بألمها الشخصي الذي كان يسكن جسدها… في النهر، ذلك الألم الذي لم تستطع الكتابة أن تستوعبه. ما أثارني في هذه الكاتبة هو ذكاؤها وحسها النسائي المتطور، هي القائلة بضرورة امتلاك غرفة خاصة والقليل من المال كشرط للكتابة… هناك أفكار نعثر عليها بالصدفة في الكتب فتصنع مصيرنا.
• كيف تقرئين من زاويتك كدارسة لعلم الاجتماع، مسألة انتحار المبدعين؟
الانتحار ليس مرتبطا فقط بالمبدعين، هو قرار يتخذه الكثير من الناس من جميع الفئات وجميع الاعمار على امتداد التاريخ. هناك بعض المبدعين لم يرقهم العالم فقرروا أن ينسحبوا منه بإرادتهم، وهناك من ظلوا رغم استيائهم. بالنسبة لي الكتابة قد تساعدنا في تحمل الفظاعة وقد تكون سببا في الانهزام أمامها. الموضوع دقيق وتتدخل فيه عوامل كثيرة، قد تبدأ من النفسي وتمتد للاجتماعي مرورا بالاقتصادي والسياسي… لكن الابداع عموما؛ ساعد الكثيرين في البقاء على قيد الحياة… وأنا منهم.
• عرف الأدب المغربي مؤخرا نوعا من الصحوة بفضل الرواية، كيف يمكن لهذا أن يؤثر على كُتّاب القصة؟
هناك فعلا إقبال شديد على جنس الرواية من طرف القراء، وهي ظاهرة عالمية وليست وليدة اليوم، وهذا ما يفسر تشجيع الاصدارات الروائية على حساب القصة القصيرة والشعر لدى دور النشر، كما تدخل الجوائز على الخط بالاغراءات المادية والامتيازات المعنوية لتقدم تحفيزا حقيقيا للكتّاب، من أجل تأليف الروايات، وهكذا لم يعد غريبا أن نرى شعراء وقد تحولوا إلى روائيين وقصاصين، قد وجهوا دفة إبداعهم جهة الرواية… الموضوع فيه جانب ايجابي ينبغي الالتفات إليه، وهو مرتبط بدور الجوائز في خلق دينامية ثقافية
• ماهو تقييمك لحضور الثقافة في إعلامنا العمومي؟
الاعلام المكتوب انتبه أكثر من الاعلام السمعي البصري لأهمية الثقافي، وبالتالي خصصت له الكثير من الصحف والمجلات الورقية والالكترونية حيزا في منابرها وصفحاتها… بالنسبة للتلفزة والإذاعة باعتبارهما وسائط أكثر انتشارا وجمهورهما أكبر من جمهور المقروء، تظل المساحة المخصصة للشأن الثقافي في خارطة البرامج مساحة ضيقة وأقل من المطلوب.
 حاورها | سعيد غيدَّى
إعداد: عبد الغني عارف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى