محاربة الفساد : الحقيقة والتضليل
افتتاحية العدد 312
لم يثر طرد الإدارة الأمريكية للسفير المغربي بسبب تورطه المحتمل في الاتجار بالبشر أي رد فعل للسلطات المغربية رغم ما لأهمية السفارة المغربية في الولايات المتحدة الأمريكية في الخريطة الدبلوماسية للمغرب.
هذه الواقعة لوحدها تكشف إلى أي مستوى وصل الفساد في بلادنا بحيث لم يسلم مجال من مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك المجال الدبلوماسي من آثاره المدمرة؛ وبدون مبالغة يمكن اعتبار أن الفساد قد تحول مع مرور العقود والسنوات إلى نمط تدبير لتوريط النخب وإرشائها لضمان ولائها للوبيات الفساد التي تعاظم نفوذها وتقوت سلطتها وإلا كيف نفسر ما آلت إليه فضائح الفساد الكبرى التي تفجرت في العقدين الأخيرين فقط: ففضائح مؤسسات مالية إستراتيجية من حجم القرض الفلاحي والقرض العقاري والسياحي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المغربي للتقاعد لم تعالج بالشكل الذي كان ينبغي أن تعالج به لإبراز الإرادة السياسية للدولة في محاربة الفساد وتطبيق القانون في حق ناهبي المال العام. وقريبا منا فضيحة ملايير المخطط الاستعجالي في قطاع التربية والتكوين الذي يمر الآن بأزمة غير مسبوقة بسبب التدبير الكارثي لهذا القطاع الحيوي، فلو أن تلك الأموال الطائلة خضعت لتدبير شفاف وناجع في إصلاح حقيقي للقطاع، لما تم اللجوء الآن إلى التعاقد لمواجهة الخصاص الهائل في الأساتذة والأطر الإدارية.
لقد قدمت الجمعية المغربية لحماية المال العام التي عقدت مؤتمرها خلال الأسبوع الأخير ملفات موثقة للقضاء عن بعض قضايا الفساد الصارخة وطالبت غير ما مرة بمتابعة مسؤولين عن تخريب مؤسسات عمومية ونهبها واسترجاع الأموال المنهوبة، وبالرغم من تجاوب النيابة العامة في بعض الملفات وتعيين مسؤولين جدد بمؤسسات الحكامة إلا أن بلورة وتنفيذ إستراتيجية حقيقية لمحاربة الفساد مثل ما حدث في بعض البلدان الإفريقية مثل أثيوبيا لا زالت غائبة بل ومغيبة إذا استحضرنا السبب الجوهري لاستشراء الفساد في كل مفاصل الإدارة والمؤسسات العمومية. إن هذا السبب يكمن بالضبط في الفساد السياسي الذي تسلط على بلادنا وشعبنا منذ ستينات القرن الماضي حينما لجأت الرجعية المحلية والاستعمار الجديد إلى مصادرة الديمقراطية وفرض الاستبداد بقوة الحديد والنار والزج بالمغرب في نفق التبعية والاستغلال المفرط لقوة العمل وثروات البلاد.
هذه الواقعة لوحدها تكشف إلى أي مستوى وصل الفساد في بلادنا بحيث لم يسلم مجال من مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك المجال الدبلوماسي من آثاره المدمرة؛ وبدون مبالغة يمكن اعتبار أن الفساد قد تحول مع مرور العقود والسنوات إلى نمط تدبير لتوريط النخب وإرشائها لضمان ولائها للوبيات الفساد التي تعاظم نفوذها وتقوت سلطتها وإلا كيف نفسر ما آلت إليه فضائح الفساد الكبرى التي تفجرت في العقدين الأخيرين فقط: ففضائح مؤسسات مالية إستراتيجية من حجم القرض الفلاحي والقرض العقاري والسياحي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المغربي للتقاعد لم تعالج بالشكل الذي كان ينبغي أن تعالج به لإبراز الإرادة السياسية للدولة في محاربة الفساد وتطبيق القانون في حق ناهبي المال العام. وقريبا منا فضيحة ملايير المخطط الاستعجالي في قطاع التربية والتكوين الذي يمر الآن بأزمة غير مسبوقة بسبب التدبير الكارثي لهذا القطاع الحيوي، فلو أن تلك الأموال الطائلة خضعت لتدبير شفاف وناجع في إصلاح حقيقي للقطاع، لما تم اللجوء الآن إلى التعاقد لمواجهة الخصاص الهائل في الأساتذة والأطر الإدارية.
لقد قدمت الجمعية المغربية لحماية المال العام التي عقدت مؤتمرها خلال الأسبوع الأخير ملفات موثقة للقضاء عن بعض قضايا الفساد الصارخة وطالبت غير ما مرة بمتابعة مسؤولين عن تخريب مؤسسات عمومية ونهبها واسترجاع الأموال المنهوبة، وبالرغم من تجاوب النيابة العامة في بعض الملفات وتعيين مسؤولين جدد بمؤسسات الحكامة إلا أن بلورة وتنفيذ إستراتيجية حقيقية لمحاربة الفساد مثل ما حدث في بعض البلدان الإفريقية مثل أثيوبيا لا زالت غائبة بل ومغيبة إذا استحضرنا السبب الجوهري لاستشراء الفساد في كل مفاصل الإدارة والمؤسسات العمومية. إن هذا السبب يكمن بالضبط في الفساد السياسي الذي تسلط على بلادنا وشعبنا منذ ستينات القرن الماضي حينما لجأت الرجعية المحلية والاستعمار الجديد إلى مصادرة الديمقراطية وفرض الاستبداد بقوة الحديد والنار والزج بالمغرب في نفق التبعية والاستغلال المفرط لقوة العمل وثروات البلاد.
إن الصبر الأسطوري للأغلبية الساحقة من الشعب المغربي على ما تعانيه من حرمان ومظالم في عصر العولمة وحقوق الإنسان لن يستمر إلى الأبد.. وواهم من يعتقد أن هذا الصبر دليل على الرضا بنظام الحكم، وإذا كانت أزمة الثقة في الدولة والمعارضة على السواء لا زالت تشل فعاليات المجتمع عن خوض حراك شعبي حاسم كما يجري الآن في الشقيقة الجزائر، فإن تراكمات الحراكات المحلية والقطاعية ستؤدي، لا محالة إذا لم يتم تدارك الوضع قبل فوات الأوان، إلى نهوض جماهيري غير مسبوق لا يمكن التنبؤ بمآله، ولكن من المؤكد أن مغرب الغد لن يكون هو مغرب اليوم وعلى الباغي تدور الدوائر كما يقال.. أما الحزب الأصولي الذي يقود الحكومة ومعه قوى اليسار الحكومي الذين استفادوا ويستفيدون من الريع السياسي فلن يكونوا بدورهم بمنأى عن المحاسبة والمساءلة من طرف الشعب المغربي.