السياسة

وزارة الداخلية تمنع الفقيد محمد بوكرين

زياد السادري

لاحظت الكثير من الأوساط، تزايد مظاهر العنف، واستعمال القوة المفرطة، والشطط في استعمال السلطة من طرف الدولة في الساحة المغربية؛ وكلما أتت الدولة موبقة من الموبقات نجد أنفسنا في وضع محرج إزاء الرأي العام الدولي والإقليمي، ونحاول أن ننسى ما وقع، لكن وبعيدا عنا هناك من لا ينسى ويحصي كل شيء، ولا يغيب عنا ما كتبته جريدة الخبر الجزائرية المعروفة بعدائها للمغرب عن إسالة دماء المربين الأساتذة، وكيف تناولت الخبر، وهي محقة في أكثر من تسعين في المئة مما كتبت. لكن عقل الداخلية لا يشتغل إلا في اتجاه واحد: هو أن سمعة البلد لطخها الذين يحتجون ويطالبون، ولو سلميا، لأنه بذلك يقدمون رؤوسهم « للفرشخة « والضرب، فالدولة دائما محقة، ولم توجد إلا لإسالة الدماء وخدامها يحسنون ذلك على مر الزمن.
آخر ابداعات وزارة الداخلية بعد إسالة دماء مربي الأجيال، هو منع نشاط سياسي لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي بسوق السبت، كان سيترأسه كاتبه العام علي بوطوالة، مخصص لذكرى الفقيد محمد بوكرين المعروف بسجين الملوك الثلاثة، هذا الوصف أطلق عليه عندما حكم عليه بالسجن في سنة 2007 وهو في سن 72 سنة، ومريض بتهمة المس بالمقدسات، في إشارة إلى الملكية بعد أن حكم عليه بالسجن في عهد الملكين السابقين محمد الخامس والحسن الثاني.
الدولة تعرف أننا لا نحب عِـقدها المزين لصدرها، من الغزاوي إلى لفتيت ولا نحب ادريس البصري الذي تبوأ واسطة العِـقد لمدة طويلة، ولا نسعى إلى أن نفرض عليها ولا على عِـقدها أن تحب عِـقدنا، لأنه لا يمكن أن يكون هناك أي شيء يقرب بين العِقدين، الأول عقد إسالة الدماء في الشوارع، واستعمال الشطط، وتزوير الانتخابات، والتضييق على العمل السياسي وتجريمه، ويكاد ينعدم شارع أو قرية أو مركز في المغرب، لم يتركوا فيه آثارا تدل على أنهم مروا من هناك. والثاني عِـقد المطالبة بالحرية والمساواة، والنضال من أجل كرامة الشعب، وتقديم التضحيات من أجل أهداف سامية وكبيرة؛ فعوض الحب المفقود، كل ما نطلبه هو تطبيق القانون وليس الكيل بمكيالين، مكيال لمن يحب العِـقد ويبوس رجليه ويتمرغ فرحا في رحابه، ومكيال لمن لا يحبه.
الدستور على علاته واضح في تطبيق القانون على الجميع، ونحن حزب قانوني ولسنا منظمة سرية تمنع فروعها من التأسيس مثل ما وقع في تازة والداخلة، لكن المنع الجديد فيما يخص إحياء ذكرى الفقيد بوكرين فاقت كل التخمينات حول مدى جدية وزارة الداخلية ومدى خضوعها للدستور وللقوانين. حزب الطليعة طوال تاريخه يتعرض باستمرار لشكلين أساسين من التضييق والعرقلة شكل مرتبط بالخريطة السياسية المفبركة وشكل مرتبط بالوحدة الترابية ؛ من المعلوم بالنسبة للأول أن الأحزاب السياسية في المغرب لها دائما تاريخ مخصص للتحضير للانتخابات، وتاريخ محدد لانطلاق الحملة الانتخابية، لكن الداخلية ما يزال لديها نفس أسلوب العِـقد الذي ترسخ في صنع الخرائط : التحضير والحملة/الشطط من تاريخ انتهاء أول انتخابات إلى تاريخ انتهاء أخرى، أسلوب هو خارج القانون وبعيد عن المراقبة ومتحكم في مصير الأحزاب مسنودا بجوقة لا تهمها الديمقراطية ولا حقوق الانسان ولا فصل السلط، ما أن نتعرض لمضايقة من طرف الداخلية أو تتعرض له الفدرالية حتى نتساءل بسرعة عمن تحضره من الخدام والأزلام ليرفع راية الخريطة المطبوخة؟ وقريبا ستتضح لنا الصورة في سوق السبت وفي تازة وفي الداخلة.
في الشكل الثاني منذ عقود ونحن ممنوعون بدون قانون، فقط بالتعسف وبالشطط، من التواجد في الصحراء، الداخلية والساهرون على صون سيادة المغرب يعتقدون أن الزبونية والموالاة والمحسوبية والحفاظ على النعرة القبلية، هي السياسة الكفيلة بأن يصبح الحكم الذاتي المخرج الوحيد لترسيخ الوحدة الترابية، ونحن، على العكس تماما، نرى أن سكان أي منطقة جميعا، وليس فئة قليلة، هم الضمانة الوحيدة لصون سيادة المغرب، لذا من الضروري أن يكون هناك تطابق بين الوطن ومن يستفيد منه، وإلا اختل الميزان مما يؤدي إلى أن يعتقد أي معتوه أو مغرض أن الوطن يمكن بيعه أو التفريط فيه لأن كمشة صغيرة هي المستفيدة منه، إننا نعمل من أجل أن يكون الحكم الذاتي هو الحل، وفي الوقت نفسه وتحسبا للأسوأ إذا ما فرض على المغرب ما لا يريده، أن ينجح بدون منازع حتى في حالة الاستفتاء. سياستان مختلفتان فعلا، سواء في الوسائل أو حتى في الأهداف، ونحن نعتقد أن الدولة ستعترف يوما بخطئها وتراجعه، وهي تعتقد أن المنع من التواجد في الصحراء هو الوسيلة الوحيدة التي ستجعلنا نتبنى الفهم الطبقي للوحدة الترابية أو هي التي ستدفعنا نحو الانضمام لجوقة « ݣاع العام زين».
هذا الطريق المعبد والواضح، والذي ينير سبل النضال من أجل تحقيق المطالب الكبرى للشعب المغربي، رسمه عِـقدنا في الساحة السياسية المغربية والدولية ليس بالمال والجاه ولا بالشعبوية والغوغائية، بل بالنضال والتضحية، أسماء تزين صدر حزب الطليعة ومنها من استشهد وهو ما يزال في ريعان شبابه، وواهم من يعتقد أن منع ذكرى أحد حلقات هذا العِـقد البديع سيجعلنا ننساه ونتخلى عن الأهداف التي مات من أجلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى