فينزويلا
أمريكا تنشر الخوف في سماء دول العالم
منذ صعوده إلى رئاسة أمريكا، نهج دونالد ترامب سياسة جديدة في علاقاته مع جميع الدول، حتى مع حلفائه، ما عدا إسرائيل، وهي سياسة التهديد لتحقيق هدف ما، ثم الشروع في تنفيذ إجراء انتقامي ما. فبعد أن نفذ العديد من الضربات الاقتصادية على أوروبا وكندا والمكسيك، وفي الجهة المقابلة على روسيا والصين وإيران والسلطة الفلسطينية وفنزويلا، بدون أن ننسى الطريقة التي فاز بها بتنظيم كأس العالم والبقية تأتي مع المدة المتبقية له على رأس الإدارة الأمريكية، بدأ يفكر في استعمال القوة مع روسيا.
آخر إبداعاته الغريبة كانت عندما حطت كتيبة عسكرية روسية على متن طائرتين في كاراكاس حيث دعا إلى مغادرة الجنود الروس لفينزويلا وفي سؤال للصحافة عن كيفية تحقيق المغادرة قال: « جميع الخيارات مطروحة « وهي العبارة التي تحمل التهديد باستعمال القوة لطرد الجنود الروس.
الجواب الروسي جاء على مرحلتين من وزارة الخارجية الروسية: المرحلة الأولى وهي المهمة جدا ولم تنتبه لها الصحافة الدولية إلا من باب نشر ما جاء فيها، والثانية خصصت لشرح طبيعة الكتيبة الروسية وأنها مساعدة تتماشى مع القانون الدولي ومع الاتفاقات الثنائية التي عقدتها موسكو وكاراكاس.
ومن المهم العودة إلى الأولى نظرا لأهميتها حيث صرحت ماريا زاخاروفا، مديرة دائرة الصحافة والإعلام بوزارة الخارجية الروسية، للقناة الأولى الروسية إنه على أمريكا إخراج قواتها من سوريا كما وعدت بذلك قبل مطالبتها بخروج الجنود الروس من فنيزويلا، علما أن هناك اختلافا بين الوضعين لأن التواجد العسكري الأمريكي في سوريا هو بدون موافقة الدولة السورية وبالتالي هو احتلال، في حين أن تواجد الكتيبة الروسية في كاراكاس هو بمواقة الحكومة الشرعية بفينيزويلا، فماذا يوجد في خلفية هذا الموضوع ونحن نعرف أن روسيا تزن الأمور بميزان غاية في الدقة ؟
كان من الأنسب إعطاء المثال المضاد بالتواجد العسكري الأمريكي في دول شرق أوروبا مثل بولوندا وأوكرانيا ولاتفيا وغيرها وكل هذه الدول فيها جيش أمريكي وبموافقة تلك الدول، وفي الخاصرة الغربية لروسيا وعلى حدودها، وهي نظرا لقربها تملك كل الشروط العسكرية من قوة النيران وسرعة الحركة وضخامة العتاد الكبير والمتوسط من كل قطاعات الجيش الجوية والبرية والبحرية لكي لا يستغرق جيـشها أكثر من ساعة واحدة لجعل التواجد العسكري الأمريكي في خبر كان. فلماذا سكتت روسيا عن هذا وتكلمت عن مثال بعيد عنها ؟
الجواب أن روسيا لا تريد أن تزيد الطين بلة مع أوروبا إذا ما هددت بالتدخل في دول شرق أوروبا، وأنها تفضل أن ترد على أي حماقة لترامب في سوريا البعيدة، على بعث شعور معاد لها من الدول الأوروبية. هذا حساب منطقي في بداية تباهي ترامب خطابيا، أما إذا ما نفذ تهديده وتدخل عسكريا وأسر الكتيبة لأرسالها إلى روسيا في الطائرتين فإن الرد العسكري لا يمكن أن يبقى في حدود اللباقة السياسية التي نهجتها روسيا لحد الآن.