الثقافة

لحظة سقوط

◆ فؤاد الملواني

◆ فؤاد الملواني

بعد‭ ‬صراع‭ ‬مرير‭ ‬مع‭ ‬مرض‭ ‬السرطان‭ ‬دام‭ ‬تلاث‭ ‬سنوات‭ ‬عجاف،‭ ‬حارب‭ ‬فيها‭ ‬بإستماتة‭ ‬حتى‭ ‬نفذت‭ ‬ذخيرته‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬الطبيعية‭ ‬والكيميائية‭ ‬والنفسية‭ ‬والدينية‭.‬

بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬تخلت‭ ‬عنه‭ ‬وأفلتت‭ ‬يده،‭ ‬فإنه‭ ‬لايزال‭ ‬متشبتا‭ ‬بها‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أوتي‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬بغرابة‭ ‬ومذلة‭ ‬ومشقة،‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬يترائى‭ ‬له‭ ‬بصيص‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬إلا‭ ‬وركض‭ ‬نحوه‭. ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬طبيبا‭ ‬ولا‭ ‬دجالا‭ ‬ولا‭ ‬عشابا‭ ‬ولا‭ ‬رجل‭ ‬دين‭ ‬إلا‭ ‬وزاره‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬ترياق‭ ‬ليستمر‭ ‬في‭ ‬الحياة‭. ‬العيش‭ ‬أصبح‭ ‬هاجسه‭ ‬وأسمى‭ ‬أحلامه‭.‬

وأخيرا‭ ‬خارت‭ ‬قواه‭ ‬وضعف‭ ‬جهازه‭ ‬المناعي‭ ‬وبدأ‭ ‬شعره‭ ‬يتساقط‭ ‬بكثافة‭ ‬كأوراق‭ ‬الشجر‭ ‬التارز‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الخريف،أصبح‭ ‬جسده‭ ‬ضارعا‭ ‬تكاد‭ ‬الرياح‭ ‬تتلاعب‭ ‬به،‭ ‬أينما‭ ‬ولى‭ ‬يجد‭ ‬شبح‭ ‬الموت‭ ‬يلاحقه‭ ‬و‭ ‬يتنظر‭ ‬الفرصة‭ ‬للإنقضاض‭ ‬عليه،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬شعوره‭ ‬بأن‭ ‬المرض‭ ‬قد‭ ‬انتشر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بوصة‭ ‬من‭ ‬جسده‭ ‬وتمكن‭ ‬منه،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يرفض‭ ‬الإعتراف‭ ‬بضعفه‭ ‬ويصر‭ ‬على‭ ‬تمسكه‭ ‬بخيوط‭ ‬الأمل‭ ‬العنكبوتية‭.‬

تمدد‭ ‬فوق‭ ‬سريره‭ ‬باستسلام‭ ‬تام‭ ‬ينتظر‭ ‬حتفه‭ ‬يصول‭ ‬ويجول‭ ‬بعينيه‭ ‬في‭ ‬جدران‭ ‬الغرفة‭ ‬المتهالكة‭. ‬يحاول‭ ‬دماغه‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬اللحظة‭ ‬في‭ ‬اللاشيئ‭ ‬اختلط‭ ‬عليه‭ ‬الأمر،‭ ‬هل‭ ‬يسترجع‭ ‬ذكرياته‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬اللحظة‭ ‬كشريط‭ ‬سينمائي‭ ‬يمر‭ ‬أمام‭ ‬عينيه‭ ‬بسرعة‭ ‬خاطفة؟‭ ‬أم‭ ‬يظل‭ ‬صامتا‭ ‬قابعا‭ ‬منتظرا‭ ‬الموت‭ ‬لكي‭ ‬يخطفه‭ ‬في‭ ‬هدوء‭ ‬وتنتهي‭ ‬معاناته‭ ‬بشكل‭ ‬أبدي؟

يا‭ ‬إلهي‭ ‬لماذا‭ ‬أنا؟‭ ‬ما‭ ‬الذنب‭ ‬القبيح‭ ‬الذي‭ ‬ارتكبته‭ ‬حتى‭ ‬أتعذب‭ ‬هكذا؟‭ ‬أذكر‭ ‬جيدا‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬بارا‭ ‬بوالدي،‭ ‬طوال‭ ‬حياتي‭ ‬كنت‭ ‬أتمشى‭ ‬بجانب‭ ‬الحائط،‭ ‬لم‭ ‬أتناول‭ ‬أبدا‭ ‬المخدرات،‭ ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬يوما‭ ‬مدمنا‭ ‬على‭ ‬شرب‭ ‬الخمور،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬تخليت‭ ‬عني‭ ‬يا‭ ‬إلهي‭ ‬في‭ ‬أحلك‭ ‬لحظات‭ ‬حياتي،‭ ‬كنت‭ ‬دائمآ‭ ‬أظن‭ ‬بأنك‭ ‬تحبني‭ ‬ولايرضيك‭ ‬عذابي‭ ‬ومشقتي‭ ‬ومذلتي‭. ‬لكنني‭ ‬اكتشفت‭ ‬اليوم‭ ‬متأخرا‭ ‬أنك‭ ‬تكرهني‭ ‬وتمقتني‭.‬

لماذا‭ ‬أنا‭ ‬بالذات؟‭ ‬لماذا‭ ‬يعيش‭ ‬الطغاة‭ ‬والجبابرة‭ ‬والظالمين‭ ‬حياة‭ ‬البذخ‭ ‬والترف‭ ‬وعندما‭ ‬تحين‭ ‬لحظتهم‭ ‬يموتون‭ ‬بسلام‭ ‬راضين‭ ‬كل‭ ‬الرضى‭ ‬عن‭ ‬حياتهم‭ ‬الماضية؟

لماذا‭ ‬يا‭ ‬إلهي‭ ‬تقسو‭ ‬على‭ ‬الضعفاء‭ ‬والفقراء‭ ‬من‭ ‬أمثالي‭ ‬وتحن‭ ‬على‭ ‬الطغاة‭ ‬والجبابرة،‭ ‬لم‭ ‬أعد‭ ‬أفهم‭ ‬مشيئتك،‭ ‬سأموت‭ ‬ملحدا‭ ‬بدافع‭ ‬الإنتقام‭.‬

هل‭ ‬تستمتع‭ ‬بمعاناة‭ ‬المرضى‭ ‬أم‭ ‬أنك‭ ‬تتسلى‭ ‬بهم‭ ‬على‭ ‬هواك؟‭ ‬دعني‭ ‬منك‭ ‬ومن‭ ‬غرابتك‭ ‬و‭ ‬من‭ ‬ضحالة‭ ‬خطتك،‭ ‬فأنت‭ ‬لاتستحق‭ ‬أن‭ ‬أخسر‭ ‬عليك‭ ‬آخر‭ ‬كلماتي‭ ‬و‭ ‬أثمن‭ ‬وأغلى‭ ‬لحظات‭ ‬حياتي‭.‬

ماذا‭ ‬سأفعل؟‭ ‬خيار‭ ‬الانتحار‭ ‬مطروح‭ ‬أمامي‭ ‬بقوة‭ ‬لكن‭ ‬غريزة‭ ‬التشبت‭ ‬بالحياة‭ ‬تحثني‭ ‬على‭ ‬التروي‭ ‬ربما‭ ‬يعدل‭ ‬الإلاه‭ ‬عن‭ ‬خطته‭ ‬ويرسل‭ ‬معجزة‭ ‬من‭ ‬معجزاته‭ ‬ويخلصني‭ ‬من‭ ‬معاناتي‭. ‬أه‭ ‬لقد‭ ‬بدأت‭ ‬أحتضر،‭ ‬أستطيع‭ ‬الإحساس‭ ‬بملك‭ ‬الموت‭ ‬جاثما‭ ‬على‭ ‬صدري‭ ‬يتنظر‭ ‬موتي‭ ‬ليسلب‭ ‬مني‭ ‬روحي‭ ‬ويترك‭ ‬جسدي‭ ‬غذاءا‭ ‬لديدان‭ ‬الأرض‭.‬

رفع‭ ‬يديه‭ ‬إلى‭ ‬المساء‭ ‬مستنجدا‭ ‬بكل‭ ‬الآلهة‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭  “‬هيرا‭” “‬زيوس‭” “‬أثينا‭” “‬آمون‭” “‬أوزيريس‭”  “‬إيمحتب‭” “‬الله‭” “‬المسيح‭” “‬بودا‭”  “‬عشتار‭” ‬انتظر‭ ‬قليلا‭ ‬وهو‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬السقف‭ ‬لعله‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬إشارة‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬الآلهة‭. ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬شيء،‭ ‬واستهل‭ ‬في‭ ‬شتمها‭ ‬جميعا‭ ‬بدون‭ ‬استثناء،‭ ‬آلهة‭ ‬لعينة‭ ‬تريد‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬عبادتها،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬لهم‭ ‬شيئا‭ ‬يذكر،‭ ‬لقد‭ ‬بلغ‭ ‬مني‭ ‬اليأس‭ ‬مبلغه،‭ ‬لقد‭ ‬بار‭ ‬إيماني‭.‬

نهض‭ ‬من‭ ‬سريره‭ ‬وجلس‭ ‬القرفصاء‭. ‬فجأة‭ ‬جهش‭ ‬بالبكاء‭ ‬حتى‭ ‬بدأ‭ ‬يترنح،استجمع‭ ‬أنفاسه‭ ‬ومسح‭ ‬دموعه،وتمدد‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬فوق‭ ‬السرير‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬سقف‭ ‬الغرفة‭.‬

سأموت‭ ‬قريبا‭ ‬وأدفن‭ ‬تحت‭ ‬حفنة‭ ‬من‭ ‬التراب،‭ ‬وستستمر‭ ‬الحياة‭ ‬بدوني‭ ‬كأنني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭. ‬ما‭ ‬الهدف‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬وجودي‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض؟‭ ‬مجرد‭ ‬إنسان‭ ‬آخر‭ ‬يغادر‭ ‬الحياة‭ ‬عاريا‭ ‬كما‭ ‬أتى‭ ‬إليها‭ ‬أول‭ ‬مرة،مسلوبا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أملاكه‭ ‬وثرواته‭ ‬وكبريائه‭.‬

لقد‭ ‬ندمت‭ ‬أشد‭ ‬الندم‭ ‬على‭ ‬أمرين‭ ‬إثنين‭:‬

الأول‭: ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬شابا‭ ‬يافعا،‭ ‬بداخا،وسيما،‭ ‬مفتول‭ ‬العضلات‭ ‬ذو‭ ‬لحية‭ ‬جذابة،‭ ‬وشعر‭ ‬حريري،‭ ‬كانت‭ ‬فتيات‭ ‬الحارة‭ ‬يتوددن‭ ‬إلي‭ ‬ويحاولن‭ ‬الاقتراب‭ ‬مني،‭ ‬لكن‭ ‬عزة‭ ‬نفسي‭ ‬كانت‭ ‬دائما‭ ‬تمنعني‭ ‬من‭ ‬الركون‭ ‬إليهن،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعلهن‭ ‬يقولون‭ ‬عني‭ ‬متعال‭ ‬ومعقد‭.‬كنت‭ ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬إعراضي‭ ‬عنهن‭ ‬سيجعلهن‭ ‬يدركن‭ ‬أن‭ ‬الشباب‭ ‬ليسوا‭ ‬مثل‭ ‬بعض‭ ‬متشابهين‭ ‬يسعون‭ ‬لنيل‭ ‬ود‭ ‬الفتيات‭ ‬بكل‭ ‬الطرق،‭ ‬لهذا‭ ‬السبب‭ ‬لم‭ ‬أحظ‭ ‬يوما‭ ‬بفتاة‭ ‬أعيش‭ ‬معها‭ ‬قصة‭ ‬حب‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬تروى،‭ ‬غاضب‭ ‬انا‭ ‬على‭ ‬عزة‭ ‬نفسي‭ ‬وأمقتها‭. ‬كنت‭ ‬أعتقد‭ ‬أنني‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬كونتها‭ ‬الفتيات‭ ‬على‭ ‬الشباب‭. ‬لكنني‭ ‬اليوم‭ ‬آسف‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬وفيما‭ ‬ينفع‭ ‬الأسف‭ ‬الآن‭. ‬انا‭ ‬أسف،‭  ‬وجد‭ ‬غاضب‭ ‬منك‭ ‬يا‭ “‬تشيجيفارا‭” ‬لقد‭ ‬كنت‭ ‬دائما‭ ‬تلك‭ ‬الشمعة‭ ‬التي‭ ‬تحترق‭ ‬لكي‭ ‬تضيء‭ ‬الطريق‭ ‬للآخرين،‭ ‬وها‭ ‬أنا‭ ‬اليوم‭ ‬وحيد،‭ ‬حزين،‭ ‬متعب،‭ ‬سقيم،‭ ‬أتلوى‭ ‬بحرقة‭ ‬في‭ ‬الظلمة،‭ ‬لم‭ ‬أجد‭ ‬بجانبي‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬احترقت‭ ‬لكي‭ ‬أضيء‭ ‬لهم‭ ‬الطريق‭. ‬تائه‭ ‬ضائع‭ ‬أنا‭ ‬في‭ ‬العتمة‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬ينير‭ ‬لي‭ ‬الطريق،‭ ‬لقد‭ ‬تخلى‭ ‬عني‭ ‬الجميع‭. ‬يا‭ ‬ليتني‭ ‬تجنبت‭ ‬نصيحتك‭ ‬وعشت‭ ‬حياة‭ ‬طبيعية‭ ‬بدون‭ ‬عزة‭ ‬نفس‭ ‬أو‭ ‬كبرياء‭ ‬أو‭ ‬تضحية،‭ ‬لكنت‭ ‬الآن‭ ‬مستلقيا‭ ‬على‭ ‬السرير‭ ‬وإلى‭ ‬جانبي‭ ‬جسد‭ ‬أنثوي‭ ‬مثير‭ ‬يحضنني‭ ‬بقوة‭ ‬حتى‭ ‬تخرج‭ ‬روحي‭ ‬في‭ ‬سلام‭.‬

الثانية‭: ‬كنت‭ ‬كالآلة‭ ‬أشتغل‭ ‬طوال‭ ‬اليوم،‭ ‬وأرجع‭ ‬في‭ ‬المساء‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬متعبا‭ ‬خائر‭ ‬القوى‭ ‬وأستلقي‭ ‬فوق‭ ‬السرير‭ ‬منتظرا‭ ‬يوما‭ ‬جديدا‭ ‬وروتينا‭ ‬اعتياديا‭. ‬لم‭ ‬أسافر‭ ‬قط،‭ ‬ولم‭ ‬استمتع‭ ‬بوقتي‭ ‬رفقة‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬بل‭ ‬تقوقعت‭ ‬على‭ ‬نفسي‭ ‬وراكمت‭ ‬الأموال،‭ ‬وفيما‭ ‬ستنفعني‭ ‬الآن‭. ‬لو‭ ‬أتيحت‭ ‬لي‭ ‬الفرصة‭ ‬للرجوع‭ ‬بالزمن‭ ‬للوراء‭ ‬لسافرت‭ ‬إلى‭ ‬باريس‭ ‬لكي‭ ‬أزور‭ ‬برج‭ ‬إيفل‭ ‬ومتحف‭ ‬اللوفر‭ ‬وقصر‭ ‬فيرساي،‭ ‬وأسافر‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬لأرى‭ ‬صور‭ ‬الصين‭ ‬العظيم،وإلى‭ ‬إيطاليا‭ ‬لأستمتع‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬برج‭ ‬بيزا‭ ‬المائل،‭ ‬وأزور‭ ‬أمريكا‭ ‬لأتمعن‭ ‬في‭ ‬تمثال‭     ‬الحرية‭ ‬الشامخ‭. ‬كلها‭ ‬أماكن‭ ‬رغبت‭ ‬في‭ ‬زيارتها‭. ‬وما‭ ‬يحز‭ ‬في‭ ‬نفسي‭ ‬أنها‭ ‬حياة‭ ‬واحدة‭ ‬ووحيدة‭ ‬ولن‭ ‬استطيع‭ ‬زيارة‭ ‬هذه‭ ‬الأمكنة‭ ‬و‭ ‬الاستمتاع‭ ‬بالتجول‭ ‬بين‭ ‬معالمها‭ ‬أبدا‭.‬

كنت‭ ‬مقيدا‭ ‬طوال‭ ‬حياتي‭ ‬بالأغلال‭  “‬القوانين،‭ ‬العادات،‭ ‬التقاليد‭ ‬والأعراف‭” ‬لم‭ ‬أذق‭ ‬طعم‭ ‬الحرية‭ ‬قط،‭ ‬ولم‭ ‬أعرف‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬حرا،‭ ‬كالطائر‭ ‬يحلق‭ ‬أينما‭ ‬يشاء‭ ‬وكيفما‭ ‬يشاء،‭ ‬السماء‭ ‬كلها‭ ‬موطنه‭ ‬ولاتحده‭ ‬حدود‭ ‬ولاتقيده‭ ‬قوانين‭.‬

لا‭ ‬لن‭ ‬أموت‭ ‬هكذا‭ ‬مذلولا،‭ ‬سأجعل‭ ‬من‭ ‬موتي‭ ‬أيقونة‭! ‬سأصعد‭ ‬إلى‭ ‬سطح‭ ‬البناية‭ ‬وأقفز‭ ‬إلى‭ ‬أسفل‭ ‬لكي‭ ‬أعذب‭  ‬كل‭ ‬من‭ ‬شاهدني‭ ‬وأنا‭ ‬أقفز،‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬انتقم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬البشر‭ ‬لأنهم‭ ‬تخلوا‭ ‬عني‭ ‬وتركوني‭ ‬أموت‭ ‬وحيدا‭ ‬أسبح‭ ‬في‭  ‬معاناتي‭ ‬وأحزاني‭. ‬ربما‭ ‬سأحشوا‭ ‬مسدسي‭ ‬بعشرة‭ ‬رصاصات‭ ‬أفرغ‭ ‬تسعة‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬بعض‭ ‬البؤساء‭ ‬المعذبين،‭ ‬وأترك‭ ‬الرصاصة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لكي‭ ‬تستقر‭ ‬في‭ ‬دماغي‭ ‬وتبعثر‭ ‬أشلائي‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬يرعب‭ ‬القلوب‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى