الدولية

عودة المؤامرات إلى الجزائر بهمجية أكبر

◆ يزيد البركة

ما‭ ‬يتسرب‭ ‬من‭ ‬مؤشرات‭ ‬المخاطر‭ ‬الأمنية‭ ‬والسياسية‭ ‬بلغ‭ ‬الذروة‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬تقريبا،‭ ‬وكانت‭ ‬البداية‭ ‬العملية‭ ‬منذ‭ ‬تاريخ‭ ‬وفاة‭ ‬قايد‭ ‬صالح‭ ‬أو‭ ‬التخلص‭ ‬منه‭.‬‭ ‬فقد‭ ‬تتابعت‭ ‬عمليات‭ ‬اغتيال‭ ‬للجنرالات‭ ‬المحسوبين‭ ‬على‭ ‬قايد‭ ‬صالح‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الماضية‭ ‬منهم‭ ‬سليم‭ ‬قرادة،‭ ‬وقبله‭ ‬بأسبوع‭ ‬وجد‭ ‬الجنرال‭ ‬عمار‭ ‬بوسيسي‭ ‬مذبوحا‭ ‬في‭ ‬سيارته‭. ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الاغتيالات‭ ‬معزولة‭ ‬لقيل‭ ‬أن‭ ‬وراءها‭ ‬يد‭ ‬خارجية،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬تتبع‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬داخل‭ ‬النخبة‭ ‬الحاكمة‭ ‬يتبين‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬أشده‭ ‬بين‭ ‬جناحين‭ ‬أساسيين،‭ ‬الأول‭ ‬يضم‭ ‬الجنرالات‭ ‬الذين‭ ‬ينعتون‭ ‬بجنرالات‭ ‬فرنسا‭ ‬لأنهم‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الفرنسي‭ ‬وهم‭ ‬فئتان‭ ‬فئة‭ ‬انضمت‭ ‬لجيش‭ ‬التحرير‭ ‬الجزائري‭ ‬في‭ ‬1958‭ ‬وفئة‭ ‬ثانية‭ ‬انضمت‭ ‬في‭ ‬1964‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬اتفاق‭ ‬بين‭ ‬بومدين‭ ‬ودوغول‭. ‬والثاني‭ ‬يضم‭ ‬جنرالات‭ ‬يصفون‭ ‬أنفسهم‭ ‬بأنهم‭ ‬أبناء‭ ‬الثورة‭ ‬وذوي‭ ‬ثقافة‭ ‬عربية‭.‬

في‭ ‬عهد‭ ‬قايد‭ ‬صالح‭ ‬انعزل‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬بمؤسسة‭ ‬الجيش‭ ‬مسيطرا‭ ‬عليها‭ ‬وترك‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والأمن‭ ‬مكرها‭ ‬للرئيس‭ ‬بوتفليقة،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬الإطاحة‭ ‬به‭ ‬مستعينا‭ ‬بتأثير‭ ‬الحراك‭ ‬وجه‭ ‬ضربات‭ ‬موجعة‭ ‬للاستخبارات‭ ‬والأمن‭ ‬والدرك،‭ ‬وأقال‭ ‬العديد‭ ‬ووضع‭ ‬العديد‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬موته‭ ‬الغامض‭ ‬استعاد‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬حريته‭ ‬مثل‭ ‬الجنرال‭ ‬توفيق‭ ‬وعاد‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬منفيا‭ ‬مثل‭ ‬الجنرال‭ ‬نزار‭ ‬بتخطيط‭ ‬من‭ ‬شنقريحة،‭ ‬وقبل‭ ‬هذا‭ ‬تمت‭ ‬الإطاحة‭ ‬بالمسؤول‭ ‬الأول‭ ‬للاستخبارات‭ ‬الخارجية‭ ‬محمد‭ ‬بوزيت‭ ‬الذي‭ ‬خطط‭ ‬للعملية‭ ‬الفاشلة‭ ‬في‭ ‬الكركرات‭ ‬وخطط‭ ‬لعملية‭ ‬أخرى‭ ‬فاشلة‭ ‬لإرشاء‭ ‬رئيس‭ ‬مفترض‭ ‬في‭ ‬النيجر‭ ‬أثناء‭ ‬الانتخابات،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬فضيحة‭ ‬مدوية‭ ‬تناولتها‭ ‬الصحافة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬وعوض‭ ‬بالجنرال‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬مقري‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أقاله‭ ‬قايد‭ ‬صالح‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬المقربين‭ ‬من‭ ‬الجنرال‭ ‬توفيق،‭ ‬وهذان‭ ‬الأخيران‭: ‬توفيق‭ ‬ومقري‭ ‬هما‭ ‬من‭ ‬أسسا‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬الجواسيس‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬ولاس‭ ‬بالماس‭ ‬تعتبر‭ ‬احتياطا‭ ‬مهما‭ ‬للأجهزة‭ ‬الأمنية‭. ‬ومن‭ ‬تهم‭ ‬شنقريحة‭ ‬ضد‭ ‬بوزيت‭ ‬أن‭ ‬فشل‭ ‬الكركرات‭ ‬راجع‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بوزيت‭ ‬بدد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬بناه‭ ‬مقري‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ “‬الغربية‭”‬،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬مقري‭ ‬في‭ ‬منصبه‭ ‬لالتحقت‭ ‬شبكة‭ ‬الصحراء‭ ‬ولاس‭ ‬بالماس‭ ‬بالمحتجين‭ ‬ولكان‭ ‬الأثر‭ ‬السياسي‭ ‬قويا‭.‬

هذه‭ ‬الإقالة‭ ‬وغيرها‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬في‭ ‬المدة‭ ‬الأخيرة‭ ‬ليست‭ ‬معزولة،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬جون‭ ‬أفريك‭ ‬قد‭ ‬تنبأت‭ ‬بقرب‭ ‬عزل‭ ‬علي‭ ‬بنعلي‭ ‬رئيس‭ ‬الحرس‭ ‬الجمهوري‭ ‬القوي‭ ‬وقد‭ ‬ذكرت‭ ‬جريدة‭ ‬الكترونية‭ ‬تطلع‭ ‬جيدا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬داخل‭ ‬نخبة‭ ‬النظام‭ ‬أن‭ ‬علي‭ ‬بنعلي‭ ‬رفض‭ ‬تقديم‭ ‬استقالته‭ ‬التي‭ ‬طلبها‭ ‬منه‭ ‬شنقريحة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مخطط‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬نزار‭ ‬للإطاحة‭ ‬بتيار‭ ‬قايد‭ ‬صالح‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأجهزة،‭ ‬وحيث‭ ‬أن‭ ‬قوة‭ ‬عسكرية‭ ‬توجهت‭ ‬إلى‭ ‬مقر‭ ‬علي‭ ‬ينعلي‭ ‬وجرى‭ ‬إطلاق‭ ‬نار‭ ‬نقل‭ ‬على‭ ‬إثره‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجرحى‭ ‬إلى‭ ‬مستشفى‭ ‬بإيطاليا‭ ‬لأنهم‭ ‬تخوفوا‭ ‬من‭ ‬المستشفى‭ ‬العسكري‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬مقبرة‭ ‬للضباط‭.‬

من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬يتبين‭ ‬أن‭ ‬المستقبل‭ ‬مظلم‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬لأن‭ ‬طبيعة‭ ‬الأشخاص‭ ‬المتحاربين‭ ‬طبيعة‭ ‬عدوانية‭ ‬لا‭ ‬تتورع‭ ‬عن‭ ‬استعمال‭ ‬كل‭ ‬وسائل‭ ‬التآمر‭ ‬البشعة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الهدف،‭ ‬ومعروف‭ ‬عن‭ ‬هؤلاء‭ ‬التخطيط‭ ‬للمؤامرات‭ ‬داخليا‭ ‬وخارجيا،‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬التودد‭ ‬والابتسامة‭ ‬ولا‭ ‬يكشرون‭ ‬عن‭ ‬أنيابهم‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬إحكام‭ ‬خيوط‭ ‬المؤامرة‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يستهدفونه‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى